للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاستغفار]

المطهر الثاني: الاستغفار، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة، ونوح قال لقومه: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح:١٠ - ١٢].

وكل ذلك باستغفار الله عز وجل، فينبغي على العبد أن يكثر من استغفار ربه، ومن سمات الأتقياء الصالحين {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات:١٧ - ١٨].

فهم يطلبون المغفرة من الله.

وسيد الاستغفار أن تقول: (اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت).

وليكن شعارك: إلهي لا تعذبني فإني مقر بالذي قد كان مني وكم من زلة لي في البرايا وأنت علي ذو فضل ومن يظن الناس بي خيراً وإني لشر الناس إن لم تعف عني فطلب المغفرة يكون من الله، وفي آخر البقرة {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة:٢٨٦].

وقد أخرج الإمام التقي الحافظ الزاهد ابن أبي الدنيا في كتابه الدعاء المستجاب -وقد زادت مصنفاته عن المائتين مصنف، وهو مؤدب أولاد الخلفاء في العهد العباسي- (منع بنو إسرائيل القطر من السماء فجاءوا إلى موسى عليه السلام يقولون له: يا كليم الله! ادع لنا ربك أن ينزل الغيث، فدعا موسى ربه وهم يؤمنون خلفه -يقولون: آمين- ولكن الغيث لم ينزل، فأوحى الله إلى موسى: يا موسى فيهم عبد عصاني أربعين سنة مرة فأمره أن يخرج من بين صفوفهم).

فالله عز وجل بسبب هذا العاصي حجب الماء، فنقول لأصحاب المعاصي الذين يحولون رمضان إلى منكرات وسهرات باطلة ويتنافسون على ما يقدمونه للناس من ضلال: اتقوا الله في خلقه، واتركوهم يعبدون ربهم، أما يكفيكم إضلال البشر في أحد عشر شهراً، حتى تكرسون الجهد وتضاعفون الضلالة في رمضان؟ (ونادى موسى على العبد العاصي: أيها العبد! اخرج من بين صفوف الناس، فلقد حرمنا الماء بسبب معاصيك، ووصل النداء إلى العبد بإذن الله، فعلم أنه هو المقصود، فطأطأ الرأس، وقال: يا رب! عبد عصاك الآن يستغفرك ويتوب إليك، رب استرني ولا تفضحني، فاطلع ربنا على صدق توبته وحسن استغفاره، فأوحى إلى موسى: أن ادع الله، وأمن الناس فنزل الماء مدراراً، فقال موسى لربه: العبد لم يخرج يا رب! قال: يا موسى! بسببه سقيتكم الماء، فقال موسى لربه: دعني أنظر إليه، فقال: يا موسى! لم أفضحه وهو عاص، فكيف أفضحه وهو تائب؟).

فالله عز وجل يحب من العباد أن يستروا أصحاب المعاصي.

فالمطهر الثاني: الاستغفار ولاسيما في الثلث الأخير من الليل، عندما تنام العيون إلا عين الحي الذي لا ينام، فقم في ذلك الوقت، الذي (ينزل الله إلى السماء الدنيا وينادي: هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟) كما قال النبي عليه الصلاة والسلام.