للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وصية النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء في خطبة يوم عرفة]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد: ثم أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء، فللمرأة حقوق قررها الشرع؛ فإن أرادت المرأة أن تضرب بأحكام الشرع عرض الحائط عادت تتخبط في الجاهلية الأولى.

فهناك دعوة للمساواة، ويضحكون على المرأة ويقولون لها: أنت كالرجل لا فرق بينكما، فإذا كان قاضياً فأنت قاضية، وإن أصبح عمدة لا بد أن تكوني عمدة، وإن كان حكماً لمباراة لابد أن تنزلي وتحكمي، وإن كان لاعباً في الملاكمة فاخلعي أنت أيضاً ولاكمي، وإنا لله وإن إليه راجعون.

وهذا أمر مضحك، فإن الذي خلق المرأة سبحانه وتعالى قال: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى} [آل عمران:٣٦]، فالمرأة لها طبيعة، ولذلك هناك أحكام شرعية كثيرة جداً تختلف فيها المرأة عن الرجل، في الميراث، وفي الشهادة، وفي العقيقة، وحتى في البول، فإذا بال الصبي على الثياب قبل أن يفطم ينضح، وإن بالت البنت يغسل؛ لحديث أم قيس عند البخاري: (جاءت أم قيس بولدها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! هذا ولدي قيس حنكه وباركه يا رسول الله! فحمل النبي صلى الله عليه وسلم قيساً على حجره فبال، فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم بماء ونضحه)، وبين أن بول الذكر ينضح وأن بول الأنثى يغسل، يقول ابن حجر في الفتح: ولعل العلة أن النفس البشرية مجبولة على هذا؛ فإنها ترتبط بالذكر أكثر من الأنثى، ومعنى ذلك: أن الذكر يحمل أكثر من الأنثى، فإذا بال هنا وبال هنا فإن المشقة تجلب التيسير، وليس هذا قدحاً في المرأة.

ولذلك أقول للمرأة المسلمة: أنت مستهدفة من أجل تدمير الأمة الإسلامية، فلا تستجيبي للمخططات، ولا تستجيبي للعلمانية العفنة التي تريد لك أن تخلعي النقاب، وأن تختلطي بالرجال، وأن تكوني رأساً برأس مع الرجل، بل كوني مع أوامر خالقك عز وجل، فكرامتك وعزتك في اتباع شرع الله سبحانه، فهناك أحكام كثيرة لا تجوز للمرأة، فلا يجوز للمرأة أن تؤذن، ولا يجوز للمرأة أن تخطب الجمعة، ولا يجوز للمرأة أن تكون ولي أمر للأمة؛ فإن الهدهد استنكر على الرجال أن تملكهم امرأة، قال عز وجل حاكياً عنه: {إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [النمل:٢٣]، فالهدهد يرفض هذا، وقال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء:٣٤].

فأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء وقال: (اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله)، وقال: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) ولذلك انظر إلى حياته في بيته عليه الصلاة والسلام.

فيا أيتها الأخت الفاضلة! ما نسي النبي صلى الله عليه وسلم أن يوصي بك في حجة الوداع، ومن ثم إن أردت عزة وإن أردت كرامة فلا تعبئي بهذه الشعارات التي صنعها لنا الأعداء، قال صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء).

لذلك لويس التاسع لما أسروه في المنصورة أخذ يفكر في أمر الأمة فقال لقومه: لا قبل لنا مع المسلمين في مواجهة عسكرية، فالحرب دائماً النصر سيكون للإسلام فيها؛ لأنهم يقاتلون طلباً للنصر أو الشهادة، ونحن نحرص على الدنيا، لكن أعطوني كأساً وغانية وأنا أدمر لكم هذه الأمة.

إذاً: الحرب الآن ليست حرباً عسكرية، وإنما هي حرب أخلاقية، وحرب على الأخلاق، وحرب على القيم، وحرب على الثوابت الأخلاقية.