للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إذن الولي]

الشرط الأول: إذن الولي؛ لأن الزواج باطل إذا حصل بدون إذن الولي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد والترمذي وأبو داود والحديث صحيح: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)، وقول الله عز وجل مؤكداً هذا المعنى: {فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ} [النساء:٢٥]، فلابد للولي أن يأذن في زواج ابنته، والولي هو الأب، فإن غاب الأب انتقلت الولاية إلى العصبات: كالابن، أو الأخ، أو العم، أو الجد إلى غير ذلك، لكن هل يجوز للمرأة أن تزوج نفسها؟ أبداً ما سمعنا بهذا إلا في زمننا هذا، فتجد المرأة تزوج نفسها وتسميه زواجاً، ثم تقول: أنا ثيب، يعني: هي مطلقة أو أرملة فلها أن تزوج نفسها! فمن الذي أفتاها بهذا؟ إن زواجها هذا باطل، وسأذكر في نهاية المحاضرة قصة لمؤمنة من واقعنا المعاصر أصبحت فريسة عندما جنت على نفسها، وهانت عندما خانت كما يقول العلماء، ولنتأمل في قصة زواج موسى عليه السلام، من الذي زوج موسى؟ الأب: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} [القصص:٢٧]، فالذي زوج موسى هو الأب، وعليه فلا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها بنفسها، وحديث: (أيما امرأة زوجت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل)، وإن كان فيه مقال عند بعض العلماء، إلا أن الأدلة الأخرى توضح وتؤكد أن إذن الولي شرط من شروط صحة الزواج، وهذا هو رأي جمهور العلماء.

ونجد العجب عندما نرى بنتاً في الجامعة قد أحبت صديقها فأخرجوا ورقة من دفتر المحاضرات وكتبوا في صدرها عقد زواج عرفي: أنه في يوم كذا الموافق كذا تزوج فلان من فلانة، ثم أشهدوا على هذه الورقة شاهدي فجور وفسق، ويشترطان على الشهود بعدم إذاعة الخبر؛ حتى لا يفضح السر، ويظل يعاشرها معاشرة الأزواج في مدة الدراسة الجامعية، وأبوها قد أرسلها من المنوفية أو الدقهلية أو الشرقية إلى القاهرة العاصمة الكبرى؛ لتتعلم فإذا بها تتزوج دون علم من الأب، ثم تنقضي السنوات الأربع وهو يعاشرها معاشرة الأزواج، وبعد السنة الرابعة يمزق الورقة التي بينه وبينها ويقول لها: هذا فراق بيني وبينك، وتكون هي الضحية، ثم تنقلب الأمور إن حملت منه فتقول: كيف أعود إلى أهلي وأنا حامل؟ الأمر يسير، طبيب ليس عنده ذمة يقوم بعملية الإجهاض، ثم آخر لا خلق له يقوم بعملية رتق غشاء البكارة، ورتق غشاء البكارة ما نسميه نحن: بعملية الترقيع المعروفة عند الكثير، مائتين وخمسين جنيه للطبيب الأول، ومائتين وخمسين جنيه للطبيب الثاني أو ألفاً لكل واحد منهما، وأنا أذكر أرقاماً متواضعة، وإلا فإن الآلاف ستدخل جيوبهم، فسحقاً وبعداً لمن ينشر الفاحشة!! إن أمثال هؤلاء ييسرون لأمر الفاحشة، فتأتي بعد ذلك البنت إلى بلادها وقد حصلت على المؤهل العالي، ثم يتقدم لها من يخطبها، فيوافق أهلها على ذلك، ثم يشهر النكاح بين الناس، وهي في الحقيقة ليست بكراً، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فهذا هو الواقع الذي نعيشه، وكم رأيناه بأعيننا، فلنحذر منه؛ لأن هذا الكلام ينبغي أن يصل إلى كل امرأة عاقلة، وإلى كل شاب يتقي الله عز وجل، لكن قد يقول قائل: يا شيخ إن ذهبت إلى المأذون الآن فسيعقد دون أن يسأل عن الولي! سأقول لك: هذا عدم أخذ برأي جمهور العلماء، واستناداً إلى رأي الأحناف، وهو باطل؛ لأنه مخالف للنص النبوي: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل).