للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صبر نوح عليه السلام في دعوة قومه]

نوح عليه السلام جاء إلى قومه ورغبهم، وحذرهم، وبشرهم، ورهبهم، وهذه طريقة الأنبياء كما قال سبحانه: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} [النساء:١٦٥].

وبعض الناس يقول: كفاكم حديثاً عن عذاب القبر، وعن القيامة والنار، حدثوا الناس في أمور واقعها.

ونقول لهم: إن دعوة الأنبياء تقوم على الترغيب والترهيب، فماذا قال نوح لقومه؟ {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ} [نوح:١] ماذا قال لقومه؟ {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف:٥٩]، ثم قال لهم: {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأعراف:٥٩].

أحبتي الكرام! وطريق الدعوة إلى الله غير ممهد، وينبغي لأصحاب الدعوات أن يعرفوا ذلك، فإن إجابة القوم: إعراض وسخرية وجدل.

قال نوح: {رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا} [نوح:٥]، فالدعوة إلى الله ليست منبراً، وليست محاضرة، وليست مقالة، وليست كتاباً، إنما الدعوة إلى الله تكون بالليل والنهار، بالسر والعلن.

قال تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا * فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا * مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} [نوح:٥ - ١٤]، قال المفسرون: استخدم كل سبل الدعوة إلى الله: الدعوة الفردية والدعوة الجماعية، والدعوة الجهرية، والدعوة السرية، والدعوة بالليل والنهار، فلم يقصر عليه السلام فقد مكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له.