للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الخسران وعدم الفلاح بسبب المعاصي]

قال تعالى: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة:٣٠].

يشير هذا إلى أن المعصية نتيجتها الخسران وعدم الفلاح، فوقف حائراً بعد قتل أخيه ماذا يفعل بجسده؟ والعبد بعد موته تتغير رائحة جسده، وتخرج منه رائحة كريهة، فلا بد للحضور أن يواروا جسده التراب، فوقف حائراً ماذا يفعل؟ وهذا ينتصر لرأي من قال: إن ابني آدم من صلبه لا كما قال بعض المفسرين: إنهما ليسا من صلبه، نقول: هما من صلبه؛ لأنه لا يعرف كيف يواري سوءة أخيه، أما في بني إسرائيل فقد كانت مواراة الجسد: الأرض، وكان ذلك معروفاً عندهم ومقرراً في شرعهم.

قال تعالى: {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا} [المائدة:٣١]، هذا هو المبعوث الأول في القرآن الكريم من غير البشر، بعث الله هدهداً، بعث الله نملة، هنا بعث الله غراباً، فهناك من بعثهم الله من غير الآدميين ليعلموا بني آدم.

قال: {غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ} [المائدة:٣١].

تروي بعض كتب التفسير: أن غراباً قتل غراباً، وأنه واراه في الأرض، وهي قصة ليس عندنا ما يثبتها أصلاً، فنص القرآن يقول: بعث الله غراباً، ولا يقول: بعث الله غرابين، إذاً نكتفي بما ورد عندنا في كتاب ربنا، أن الغراب جاء فبحث في الأرض، فنظر ابن آدم فقال: ((يَا وَيْلَتَا)) ينادي ويلته، وكأنه يقول: يا أيها الويل! تعال لابن آدم الذي قتل أخاه ظلماً وعدواناً بلا ذنب ولا جريمة ولا قصاص.