للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التحذير من الاحتفال بأعياد المشركين]

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه.

وبعد: فقبل أن أجيب عن الأسئلة هناك أمر لابد أن نحذر منه، وأن نرشد من لنا عليه ولاية، ألا وهو: الاحتفال بأعياد (الكريسمس)، أو ما يسمونه بـ (رأس السنة)، حيث تعم المعاصي ويسود الفجور، فتشرب الخمور ويحصل الرقص والدعارة، وأهل الباطل يتنافسون، فمنهم من يقول: عندنا أفضل الرقص، وأجود الغناء، ومع النجم الساطع الساهر إلى طلوع الفجر، والناس تحجز من الآن بآلاف الجنيهات، وأنا أقول لمن يدعون إلى حفظ الأموال: بدلاً من أن تحاربوا الحج والعمرة حاربوا هذه الخلاعة، نسأل الله العافية، ولذلك لابد أن نعلم أنه لا شأن لنا بهذه الأعياد أبداً من بعيد أو من قريب.

وقد قال كثير من المفسرين في تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان:٧٢]، أي: الذين لا يشهدون أعياد المشركين، وإبراهيم عليه السلام حينما دعاه القوم للاحتفال معهم في أعياد النمرود قال لهم: {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات:٨٩]، أي: سقيم من فعلكم، سقيم من حالكم ومما تصنعون، وقد كانوا يخرجون بالأصنام وليس هناك طبل ولا رقص، ولا اختلاط ولا شرب لما لا يرضي الله سبحانه وتعالى، ولا سهر إلى الفجر فيما لا يرضى عنه رب العالمين.

ولذا فأقول: ينبغي أن تحذر من لك عليهم ولاية، وانصح فقط لا غير، لكن لا يمكن بحال أن تأمر وتنهى من لا يستجيب لك، وإنما أقم عليه الحجة بحكمة ورفق ولين، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة:٦٧]، {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [البقرة:٢٧٢]، {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} [الغاشية:٢١ - ٢٢]، {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ} [الشورى:٤٨]، وهذه نصوص تبين أن وظيفتك البلاغ لا أكثر ولا أقل، ومن سار على نهجه صلى الله عليه وسلم {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف:١٠٨]، أي: على علم، والبعض قد يخرج ورقة كتب عليها حكم الاحتفال ويوزعها، وربما قد تحدث ضجراً أو تحدث قلقاً، أو تكون سبباً في مشاكل معينة، فلا داعي لذلك، وإنما بلغ في إطارك، فإن البعض قد يتعجل وقد يكون عنده انفعال في التغيير، فنقول له: الحكمة ودراسة المصالح والمفاسد لابد منها في الدعوة إلى الله عز وجل، وربما توزيع الورقة مصلحة، لكن المفسدة المترتبة على ذلك أكبر بكثير، فتتسبب في كذا وكذا، وعند ذلك أنت لم توازن بين المصالح والمفاسد، فأقول: الدين كله مبني على المصالح والمفاسد، فادرس هذه المسألة مع العلماء، وقل وبلغ دون ضرر بأحد، وأيضاً لابد أن ننبه لهذا، وأن نناشد الناس بالمخالفة.

لكن قد يقول قائل: قد يكون يوم كذا إجازة، فهل أذهب إلى العمل أم لا؟ فنقول: لا شك أن ذلك لا يمكن، لأن المقصود بالمخالفة: أنك لا تخرج إن خرجوا، ولا تصوم إذا صاموا، ولا تحتفل إذا احتفلوا، وإنما استثمر هذا اليوم في طاعة الله عز وجل، فاعتكف في بيتك، أقم الليل، إلى غير ذلك من الأعمال الصالحة.