للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[منزلة سليمان عليه السلام عند اليهود]

سليمان عليه السلام هو الذي أعاد بناء المسجد الأقصى في سبع سنوات، وبعد أن أتم البناء بنى ما يسمى بالهيكل، والهيكل هو ما يسمونه ببيت الرب، أو بيت الملك، وبناه في ثلاث عشرة سنة، وكان الهيكل بخلاف موضع المسجد، أي: أن الهيكل في موضع، والمسجد في موضع آخر، واليهود يزعمون الآن أن الأقصى مبني على مكان الهيكل، فلابد من إزالة الأقصى؛ ليقام بدلاً منه الهيكل، وهذا زعم باطل مفضوح، فهم أساتذة في التحريف والتبديل، يقول ربنا سبحانه: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة:٧٥].

فهم يحرفون مع سبق الإصرار والتعمد، أي: يحرفون بعد أن يعقلوا؛ ولذلك المؤولة الذين يؤولون الصفات فيهم شبه من اليهود، فهم يقولون: استوى بمعنى: استولى، أو اليد بمعنى: القدرة.

فهؤلاء أسوتهم اليهود، فقد قال الله لهم: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} [البقرة:٥٨] ماذا صنعوا؟ قالوا: قال تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} [البقرة:٥٩]، فلعنة الله على الكافرين والظالمين.

أحبتي الكرام! رغم أنهم يريدون أن يقيموا الهيكل إلا أنهم يطعنون في صاحب الهيكل، والحقيقة أن قصة سليمان وربطها بالواقع مهم؛ وذلك لأن الهدهد داعية للتوحيد، فقد أنكر على القوم أن يعبدوا غير الله، والهدهد في رعية سليمان يعلم أن الذي يستحق العبادة هو الله وحده لا شريك له، فيا ليتنا نجد هدهداً نرسله إلى بعض فرق التصوف ليعلمهم التوحيد، إن فرقة التصوف الآن يقبلون الأعتاب ويطوفون في الأضرحة، ويدعونها من دون رب العالمين، والعجيب في الأمر أنك تجد يوم عرفة مليوناً ونصف مليون حاج، وفي ليلة البدوي الكبير ثلاثة مليون، يعني: من يذهب إلى طنطا أكثر ممن يرحل إلى عرفة، وإنا لله وإن إليه راجعون.

أين التوحيد في الأمة يا عباد الله؟! انظروا إلى الهدهد ماذا يقول لسليمان: {وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ} [النمل:٢٤]، يعلل الحكم بقوله: {وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ} [النمل:٢٤]، والشيطان يزين لكل فرقة أنها على حق، فالخوارج عندما خرجوا على الإمام علي ظنوا أنهم على حق، والروافض الشيعة يظنون أنهم على حق، قال الشاعر: وكل يدعي وصلاً لليلى وليلى لا تقر لهم بذاك فكل واحد يقول: أنا أنا، لا.

إن المنهج واضح بين، المنهج لا غبار عليه، تركها عليه الصلاة والسلام ناصعة البياض ليلها كنهارها، وإنما تشتت الأمة إلى فرق لسوء الفهم، أي: فهم النصوص الشرعية، ففي سورة البقرة يقول ربنا تبارك وتعالى: {مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:٨١]، فقد فهم الخوارج من هذه الآية أن العاصي مخلد في النار، فسوء فهم هذه الآية بمعزل عن فهم بقية الآيات والأحاديث.

أين قوله صلى الله عليه وسلم: (أخرجوا من النار من قال: لا إله إلا الله، وعمل من الخير ما يزن ذرة، وعمل من الخير ما يزن برة، وعمل من الخير ما يزن شعيرة)، فكل يجتهد في فهمه ويفهم على حسب هواه؛ ليؤيد عقيدته الفاسدة.