للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته وطلب الاستغفار منه]

السؤال

ما معنى قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً} [النساء:٦٤]؟ وهل يجوز أن أطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لي؟

الجواب

هذه الآية من شبهات المتصوفة، يقولون: إن الله قال: ((وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ))، فأطلق المجيء إليه سواء كان حياً أو ميتاً، فيذهبون إلى قبره ويقولون: يا رسول الله! استغفر لنا الله عز وجل، وهذا فهم عقيم وسقيم، لا يتناسب مع مفهوم الآية أبداً، والمعنى: ((وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ)) حال الحياة، ((فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ)) هم، {وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ} [النساء:٦٤]، طلب لهم المغفرة من الله عز وجل.

أما بعد موته فما وجدنا أحداً جاءه سواء من الصحابة أو من سلف الأمة، وقد كان عمر يقول: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيك وإنا نتوسل إليك بعم نبيك، ادع الله يا عباس! فلو أن عمر علم أنه يجوز أن يذهب للقبر لما توسل بـ العباس ليدعو لهم الله.

فحياة النبي صلى الله عليه وسلم في قبره حياة برزخية، فلا ينبغي أن يقال: إن الذهاب إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ميت كالذهاب إليه وهو حي.

وقد أورد ابن كثير عند تفسير هذه الآية قصة الرجل العتبي الذي نام عند القبر، ولم يخرجها، وهي: أن رجلاً جاء يسأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يستغفر له، ثم ولى الرجل مدبراً فقال النبي صلى الله عليه وسلم للعتبي: قم وأخبر الأعرابي أني قد استغفرت له، ثم أخذ يقول: يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم نفسي فداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم وهذه القصة تحتاج إلى تخريج.

والشيخ أبو إسحاق بارك الله فيه قد اجتهد في تحقيق نصوص كتاب تفسير ابن كثير، والكتاب لم يكتمل بعد.

فأسأل الله أن يتم هذا العمل الطيب إن شاء الله تعالى.

وكلمة الصوفية كلمة دخيلة على إسلامنا، وأصل المتصوفين: أهل الزهد، فـ الحسن البصري من الزاهدين وليس من المتصوفين.

فكلمة الصوفية كلمة دخيلة على إسلامنا، فإن كانت هي الإسلام فلا نريد بديلاً لاسم الإسلام، كما قال الدكتور جميل غازي رحمه الله، وإن كانت هي غير الإسلام فلا نقبل شيئاً غير الإسلام.

وإذا قرأت في تراث الصوفية فستجد العجب، كما في أقوال ابن عربي والحلاج وابن الفارض وغيرهم من أئمة التصوف، وقد قال ابن عربي كلاماً لا أستطيع أن أذكره على الملأ.

وأبو يزيد البسطامي يقول: ضربت عريشي إزاء عرش الرحمن جل وعلا، وخضنا بحراً عجز الأنبياء عن الوقوف بساحله.

فهم دخلوا البحر والأنبياء عجزوا عن الوقوف بساحله.

ويقول: مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي يعني: أن الولي أعلى من النبي مرتبة، وأهل السنة لهم العلم الظاهر، ونحن لنا العلم الباطن.

فهم أصحاب نظرية الظاهر والباطن.

ويقول: ما في الجبة إلا الله.

وهذا حلول واتحاد.

ويقولون: العبد رب والرب عبد ليت شعري من المكلف ويقولون: ما الكلب والخنزير إلا إلهنا.

وهذا حلول واتحاد.

فهؤلاء أفسدوا الدين.

ونحن نقول لك: القرآن والسنة بفهم سلف الأمة، وهم الصحابة والتابعون وتابعو التابعين، فأهل الصفة كانوا زهاداً، ولسنا في حاجة لزهد أحد، بخلاف زهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد تعانقت الصوفية مع الباطنية، وهناك رسالة دكتوراه بعنوان: (العلاقة بين الصوفية والشيعة).

فالعلاقة واضحة المعالم تماماً، ولذلك لما دخلت فرنسا إلى الجزائر لتحتلها جيء بقطب الطريقة التيجانية -شيخها- فقيل له: ماذا نفعل؟ هل نقاوم الاستعمار؟ قال: لا، لقد رأيت في منامي أمس هذا الجنرال وهو قادم إلى بلدنا، فسلموا إليه البلد، وهذا قضاء الله، {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً} [الأحزاب:٣٨]! فهم ينزعون من الإسلام مفهوم الجهاد، ويجعلونه خاصاً بجهاد النفس، وأما جهاد العدو فلا وجود لذلك عندهم، وفي هذا تمييع لقضايا مهمة جداً.

ونحن نحب أهل الزهد الذين هم على طريقة السلف الصالح، وأما ما نراه الآن فهو شرك.

والمغالاة في حب الصالحين كان سبباً في دخول الشرك إلى قوم نوح عليه السلام، وهذا لا ينبغي أن يكون، لا بد أن ننقاد للحق، وأما أن تكون المسألة منافع ومكاسب فلا، بل ولو كان الحق معك فلا بد أن أقبله ولو كان ضد ما أرى، ولذلك قال أحد الإخوة: لو خرج البدوي من قبره الآن حياً لأعادوا قتله مرة ثانية؛ للمنافع المحققة.

ونحن لا نبغض أهل الزهد والورع، مثل الجيلاني والهروي ا