للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أطوار تشريع الصيام]

أيها الإخوة الكرام الأحباب! نبين في هذا المجلس المبارك بعض آداب الصيام، وبرنامج المسلم اليومي في رمضان، لأن هذا الشهر يحتاج إلى تكثيف جهد في العبادة والطاعة، بخلاف غيره من الشهور.

أولاً: لابد أن نعلم أن الصيام فرض على أطوار ثلاثة: الطور الأول: كما قال علماؤنا: كان على سبيل التخيير بين الإطعام والصيام، يعني: أول ما فرض الصيام كان يجوز للمسلم أن يطعم مع قدرته على الصيام، لكنه يطعم ويفطر.

الطور الثاني: ثم بعد ذلك نسخ إلى حكم جديد، وهو: أن الصائم إن نام بعد غروب الشمس قبل أن يتناول الطعام لا يحل له أن يأكل إلى اليوم الثاني.

الطور الثالث: استقر الحكم على النحو الذي نراه.

ثم لابد أن نعلم أن صيام رمضان ناسخ لصيام عاشوراء؛ لأن عاشوراء كان صيامه أولاً على سبيل الفرض والإيجاب، ثم نسخ برمضان؛ لذلك يقول العلماء: وحال الواجب المنسوخ مع الناسخ ينقسم إلى ثلاثة أقسام: إما أن يكون الناسخ مماثلاً للمنسوخ كأمر تحويل القبلة من جهة إلى جهة، فكلاهما سواء وكلاهما متماثل، وإما أن يكون الناسخ أثقل من المنسوخ، وإما أن يكون الناسخ أخف من المنسوخ.

الناسخ أخف من المنسوخ كالرضعات، فكان في أول الأمر يحرم من الرضاعة عشر رضعات مشبعات، ثم نسخت بخمس، يعني: الناسخ أخف؛ لأنه كان عشراً فنسخ بخمس، كذلك الناسخ أثقل من المنسوخ كصيام رمضان، صيام رمضان نسخ صيام عاشوراء، فعاشوراء كان صيامه واجباً، ثم نسخ وأصبح الواجب هو رمضان؛ وظل يوم عاشوراء على الندب والاستحباب، لقوله صلى الله عليه وسلم (من شاء صام ومن لم يشأ لم يصم).