للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الشرط الثالث المكافأة]

قال المؤلف رحمه الله: [الثالث: المكافأة؛ بأن لا يفضل القاتل المقتول حال الجناية بالإسلام أو الحرية أو الملك، فلا يقتل المسلم ولو عبداً بالكافر ولو حراً، ولا الحر ولو ذمياً بالعبد ولو مسلماً، ولا المكاتب بعبده ولو كان ذا رحم محرمٍ له، ويقتل الحر المسلم ولو ذكراً بالحر المسلم ولو أنثى، والرقيق كذلك، وبمن هو أعلى منه، والذمي كذلك].

هذا هو الشرط الثالث لوجوب القصاص، وهو المكافأة، وعرف المكافأة بقوله: بألا يفضل القاتل المقتول حال الجناية بالإسلام، أو الحرية أو الملك.

إذاً: لا بد أن يكون المقتول مكافئاً للقاتل، فلو كان دونه فيما ذكره المؤلف، يعني: في الإسلام، أو في الحرية، أو في الملك؛ فإنه لا يقتل به.

إذا كان دونه في الإسلام بأن كان المقتول ذمياً؛ فإنه لا يقتل به هذا المسلم؛ لأنه لا يكافئه، وقد جاء في البخاري في صحيفة علي رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يقتل مسلم بكافر).

وذهب الأحناف إلى أن المسلم يقتل بالكافر الذمي، واستدلوا بما روى الدارقطني أن النبي عليه الصلاة والسلام أقاد مسلماً بذمي، وقال: (أنا أحق من وفى بذمته)؛ لكن الحديث مرسل ضعيف، وعلى ذلك فالراجح ما ذهب إليه الجمهور، وأن المسلم لا يقتل بالكافر الذمي.

وقول المؤلف هنا: [حال الجناية]، معناه أن العبرة بحال الجناية، فلو أن ذمياً قتل ذمياً فإنا نقتله به؛ لأنه يكافئه، ولكن لو أن هذا الذمي القاتل أسلم قبل أن يقتص منه، فهل نقول: لا نقتله؛ لأنه حال الاستيفاء مسلم، أو نقول: نقتله؛ لأنه حال الجناية كافر؟

الجواب

ننظر إلى حال الجناية، فهو حال الجناية كافر ذمي قتل كافراً ذمياً، وعلى ذلك فيقتل به وإن أسلم بعد ذلك، وذلك لأن العبرة بحال الجناية؛ لأن العقوبة قد وجبت لوجود سببها وهو القتل، فكان العبرة بحال الجناية.