للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مقدار دية الجائفة]

قال: [وفي الجائفة ثلث الدية]، هذا في النسائي أيضاً، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وفي الجائفة ثلث الدية).

[وهي: كل ما يصل إلى الجوف]، يعني: أن الجائفة هي ما ينتهي إلى الجوف، ليس المقصود بالجوف المعدة، بل إلى جوف في البدن، ولذا قال: [كبطنٍ وظهرٍ وصدرٍ وحلق].

فإذا ضربه في بطنه فهذه جائفة؛ لأنها لا تصل إلى عظم، وإذا ضربه في ظهره في مكان لا ينتهي إلى عظم، في أماكن في الظهر ففيه ثلث الدية.

قال: [وصدر]، كذلك هناك أماكن في الصدر لا تنتهي إلى عظم.

قال: [وحلق ونحو ذلك] فإذاً: إذا جرحه وغار هذا الجرح، وكان لا ينتهي إلى عظم فهي جائفة، وفيها ثلث الدية.

قال: [وإن جرح جانباً فخرج من الآخر فجائفتان]، إذا أدخل السكين مثلاً من موضع، وخرجت من موضع آخر، أدخلها من طرف بطنه وخرجت من موضع آخر ففيه جائفتان، يعني: فيه ثلثا دية؛ لأنه كما لو جرحه من الأمام، وجرحه من الخلف، فما دام أنه جرحه فدخلت من طرف وخرجت من طرف، فذلك كما لو جرحه من هنا وجرحه من هنا، فهذا فيه ثلثا الدية.

قال: [ومن وطئ زوجة صغيرة لا يوطأ مثلها، كبنت سبع أو بنت ثمان].

يعني: لا يوطأ مثلها في العادة.

[فخرق ما بين مخرج بول ومني، أو ما بين السبيلين فعليه الدية إن لم يستمسك البول، وإلا فجائفة].

إذا وطئ هذه البنت التي لا يوطأ مثلها، وهي زوجته فننظر إن كان قد خرق ما بين السبيلين، أو خرق ما بين مدخل الذكر وما بين مخرج البول، فنقول: في ذلك ثلث الدية، لكن إن أصيبت بداء، وهو أن بولها أصبح لا يستمسك، فنقول: في ذلك الدية كاملة.

إذاً: إذا خرقها هكذا فهذه جائفة، وإن زاد على ذلك بأن صار بولها لا يستمسك ففيها الدية كاملة؛ لأن مثلها لا يوطأ، فكيف يطؤها ومثلها لا يوطأ، ولذا قال بعد ذلك: [وإن كانت الزوجة ممن يوطأ مثلها لمثله]، يعني: إذا كانت تصلح للوطء، [أو أجنبية] وليست زوجة [كبيرة مطاوعة، ولا شبهة]، ليس هناك شبهة في النكاح، [فوقع ذلك فهدر].

أي: إذا وطئ زوجته التي يوطأ مثلها، فحصل ما تقدم من الخرق، أو صار بولها لا يستمسك بسبب هذا الوطء فنقول: هذا هدر؛ لأنها قد أذنت، ومثلها يوطأ.

وكذلك [إن كانت أجنبية كبيرة مطاوعة] لأنها أذنت.

قول: [ولا شبهة]، أي: لا توجد شبهة نكاح، لكن لو كان هناك شبهة نكاح، فإنها تقول: إنما أذنت على أنه زوج، فبان غير زوجٍ، كما لو ظن أنها زوجته وظنت هي أنه زوجها فأذنت له بالوطء فحصل ما تقدم؛ فنقول: لها المهر، ولها كذلك ما تقدم، إما دية جائفة إن كان بولها يستمسك، وإما دية كاملة إن كان بولها لا يستمسك؛ لأن أذنها كان بقيد، وهو أنه زوجها، فبان أنه ليس زوجها.

لكنها لو كانت زانية قد أذنت بذلك فإنه لا شيء لها؛ لأنها كبيرة وقد أذنت.

والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.