للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يكون الحالف قاصداً لليمين

[الثالث: كونه قاصداً لليمين فلا تنعقد ممن سبق على لسانه بلا قصد كقوله: لا والله، وبلى والله في عرض حديثه].

أي: لقوله جل وعلا: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [المائدة:٨٩]، قالت عائشة كما في البخاري: هو قول الرجل: لا والله، وبلا والله.

وبعض الناس يقول: والله إلا تتفضل، والله إلا تجلس! يجري ذكر الله على لسانه باليمين من غير قصد، فإذا سألته: هل تقصد اليمين؟ قال: أنا لا أقصد اليمين، فهذه لغو يمين.

وأصح القولين أيضاً وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ محمد بن إبراهيم: أن اليمين التي قصد صاحبها منها الإكرام كذلك؛ لأن يمينه على كل حال برة لا يدخلها حنث، فإذا قال رجل لآخر: والله لتجلسن هنا وقام له من مجلسه ليجلس فيه إكراماً له، فهذا لو لم يجلس هذا لا يُعد حانثاً؛ لأنه إنما أراد أن يُظهر كرامته بهذه اليمين، بل إن بعض أهل البادية يرى أنه إذا لم يحلف فإنه قد تنقّصه ولم يعطه حقه من الإكرام، فهذه اليمين يمين برة لا كفارة فيها لأنه لا يطرأ عليها الحِنث.

ولذا فإن النبي عليه الصلاة والسلام لما أمر أبا بكر أن يصلي بالناس وأشار إليه تأخر أبو بكر رضي الله عنه ولم يمتثل أمره عليه الصلاة والسلام؛ لأنه علم أن مقصود النبي عليه الصلاة والسلام إكرام أبي بكر وقد حصل الإكرام بأمره له أن يمكث.

ومن هذا النوع أن بعض الناس يقول: والله لتخرجن قبلي من الباب! يريد إكرامه، أو نحو ذلك من الأيمان التي يُراد منها الإكرام فقط.