للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إثبات اتصاف الله بالرحمة والمغفرة]

قال المؤلف رحمه الله: [وقوله: {بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ} [الفاتحة:١]]، والله اسم من أسمائه، وهو من أخص أسمائه سبحانه وتعالى، وقد سبق أن قلنا: إنه يتضمن صفة الإلهية، وقلنا: إن الإله بمعنى المعبود، وإنه فعال بمعنى مفعول.

والرحمن الرحيم من أسمائه سبحانه وتعالى، والرحمن يتضمن صفة الرحمة، وكذلك الرحيم يتضمن صفة الرحمة نفسها.

والفرق بين الرحمن الرحيم فيه خلاف كبير بين العلماء، ولعل أدق وأصح قول في التفريق بين الرحمن الرحيم هو قول ابن القيم رحمه الله في (بدائع الفوائد)، فإنه حرر الفرق: بأن الرحمن صفة ذاتية في الله سبحانه وتعالى، والرحيم صفة فعلية تتعلق بالمخلوق، قال: ولهذا يقول الله عز وجل: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب:٤٣]، فوصفه بالرحمة المتعلقة بالمؤمنين، وهذه جهة فعلية، بينما لم يقل: رحمن بهم، وإنما يقال: رحيم بهم، وهذا تحرير جيد لـ ابن القيم رحمه الله.

ويقول: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر:٧]، فيها إثبات صفة الرحمة، وإثبات صفة العلم.

{وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب:٤٣]، وقال: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف:١٥٦]، ويقول: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام:٥٤].

ومعنى: ((كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ)) أنه كتبه بإرادته واختياره سبحانه، فهو قد أوجب على نفسه ذلك، وهذا إيجاب منه تعالى وليس إيجاباً من أحد من خلقه، فالمعتزلة يقولون بوجوب الأصلح على الله عز وجل، يعني: أنه يجب على الله أن يعمل الأصلح للخلق، والأصلح للخلق في فهمهم هو اللطف كما يسمونه، وهو أن يجعل العبد في إمكانه أن يعمل الصالحات ولا يكتب عليه شيئاً، ويجعله يصنع فعله بنفسه أو على حد تعبيرهم يخلق فعله بنفسه، وسيأتي الحديث عن هذا الأمر مفصلاً بإذن الله تعالى في القدر إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>