للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم الخوض والكلام في المناهج]

السؤال

كثير من الشباب في هذا العصر يخوضون في الكلام في المناهج، ويقولون: الشيخ فلان فيه كذا، والشيخ فلان فيه كذا؟

الجواب

هذه إحدى علامات أو نقاط الضعف في شباب الدعوة الإسلامية، فتجد أحياناً أن المنهج يكون واحداً وهو منهج السنة، لكن تجد رأي هذا الشيخ يختلف عن رأي هذا الشيخ، فيتعصبون لرأي هذا الشيخ ويذمون هذا الشيخ، وبناء على هذا يصنفون المشايخ، وهذا لا شك أنه خطأ، صحيح أن الإنسان لا يجوز له أن يتبع الشيخ أو العالم في خطئه، لكن لا يجوز له أيضاً أن يسبه ويذمه، ونحن نقول: تقويم الآراء لها ميزان في الكتاب والسنة، فأنت إذا سمعت أن الشيخ الفلاني له رأي انظر إلى رأيه، وقبل أن تنظر إلى رأيه اطلب العلم الشرعي حتى يكون ميزانك ميزاناً صحيحاً، فإذا تعلمنا العلم الشرعي وسمعنا رأياً لشيخ من المشايخ نأخذ هذا الرأي بشكل هادئ بعيداً عن الظلم والاعتداء، ثم نزنه، وحينئذٍ لا يخلو رأيه من عدة حالات: إما أن يكون رأيه كفراً والعياذ بالله، أو بدعة، أو اجتهاداً اجتهده، وكل واحدة من هذه الحالات لها أحكامها الخاصة بها، فلو افترضنا أن رأيه كان كفراً والعياذ بالله، فإذا جئنا إلى هذا الإنسان المعين فلابد أن توجد فيه الشروط وتنتفي عنه الموانع، كحال بعض الصحابة الفضلاء الأخيار وقعوا في الكفر ولم يكفروا، ومنهم حاطب بن أبي بلتعة الذي حضر يوم بدر، ووقع في الكفر، لكنه لم يكفر، ولهذا لا يستغرب أن يقع مثلاً عالم فاضل في مقالة من المقالات، قد تكون هذه المقالة كفرية في حد ذاتها، لكن هو نفسه لا يكفر، وقد يكفر إذا قالها غيره، فبعض الأحيان يكون هناك رأي واحد يقول به عشرة؛ سبعة يكفرون وثلاثة لا يكفرون، لأنهم يتفاوتون بحسب: هل هذا الإنسان عنده علم بهذا الحكم؟ هل هو متأول؟ هل هو جاهل بها؟ على تفصيلات مشهورة عند أهل السنة في مسألة عوارض الأهلية.

كذلك لو أن القول الذي قاله من صنف البدع، ننظر هل هذه البدعة عند هذا الإنسان منهج بدعي يسير عليه ويدعو الناس إليه، أو أنها مقالة أخطأ فيها، فإذا كانت مقالة أخطأ فيها فلا يجوز للإنسان أن يجعلها منهجاً له، ثم إن الاجتهاد بعض الأحيان قد يكون اجتهاداً يثاب عليه الإنسان إذا كان اجتهاداً شرعياً بذل فيه غاية الجهد، وقد تكون زلة من ضمن الزلات كما سماها ابن تيمية رحمه الله في (رفع الملام عن الأئمة الأعلام)، وهذه الزلة من جنس الذنوب والمعاصي، وقد يكون لديه من الجهاد والصدق والصبر والبذل والحب لله ولرسوله ما يمحو عنه هذه الزلة.

إذاً: يجب على الإنسان أن يكون منضبطاً من الناحية الأخلاقية والأدبية، ولا ينبغي للإنسان أن يشغل نفسه بالكلام عن الناس وذمهم ونقدهم والقدح فيهم، بل يجب أن يهتم بالمكاسب الأساسية للدعوة الإسلامية وهي الدعوة إلى السنة، والالتزام بها وحياطتها والمحافظة عليها، وأما الخلافات التي تكون بين أهل العلم فيما بينهم فلا يجوز أن يبني عليها الإنسان موقفاً أو منهجاً أو رأياً عنيفاً أو متشدداً.

<<  <  ج: ص:  >  >>