للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تجنب الإنسان الخوض في مسألة التكفير وتركها لأهل العلم]

السؤال

نرجو توضيح شروط وضوابط تكفير شخص ما، لانتشار هذا الأمر بين أوساط الشباب الملتزم.

الجواب

أحب أن أنبه إلى قضية مهمة، وهي أنه ينبغي على طالب العلم أن ينشغل بمسائل الدين في الفقه وفي العقيدة وفي اللغة وفي الأحكام الشرعية، وأن يطلب العلم، وأن يقرأ الأدلة، ويحفظ القرآن، وإذا جاء إلى مسائل الإيمان والكفر يقرأ الضوابط والقواعد الشرعية.

ومع الأسف أن كثيراً من الناس يناقشون بهذه الطريقة، هذا فلان بن فلان مثلاً، هل هو كافر أو ليس بكافر؟ يجلس مجموعة من الشباب ليس فيهم عالم ولا طالب علم، ويتكلمون في هذه المسألة، والتطبيق على الواقع يقع فيه مشكلات كثيرة؛ لأنه أحياناً يكون الإنسان ليس من أهل العلم ولا هو من أهل الخبرة، ولا هو شخص يعرف هذا الحاكم أو هذه الحكومة أو هذا المثقف أو هذا الشخص معرفة دقيقة، وإنما سمع سماعاً، فيتكلم في هذه المسألة.

أنا أقول: ينبغي على طالب العلم أن يبتعد عن هذا النوع من الكلام، ويترك تطبيق الواقع لأهل العلم، ويلتزم بشورى أهل العلم ورأي أهل العلم، وينشغل بدراسة المسائل وفهمها، وإذا كان هناك كفر ظاهر نعتقد بكفره، لكن أنا أتكلم عن المعينين، وأحياناً قد يكون المعين كافراً، لكن فيما يتعلق في كيفية التعامل معه، وكيف يمكن إصلاح المجتمع، وكيف يمكن تغيير المنكر، هذه يعود فيها الإنسان إلى أهل العلم، فهم أهل الشورى في هذا الباب.

ولا يصح للإنسان أن يتخبط وهو طالب علم صغير أو شاب أو لديه معلومات بسيطة، فإن مشوار العلم والدعوة طويل بين يديه، لا ينبغي له أن يتخبط ويتكلم في قضايا صعبة قد يحار فيها كبار المشايخ؛ لأن الكلام على المعينين تحتاج إلى معرفة بواقع المعين، والمعرفة بواقع المعين يحتاج إلى دراسة وخبرة وارتباط واحتكاك بهذا المعين، فكونك تكفر مثلاً الحاكم الفلاني أو الوزير الفلاني أو المثقف الفلاني؛ لأنك سمعت من أشخاص أو مجموعة من الشباب تكلموا بهذا الكلام، هذا في حد ذاته لا يكفي؛ ولهذا نحن نعتقد مثلاً أن إعانة الكفار على المسلمين كفر لا شك فيه، ونعتقد أن تنحية الشريعة عن الأحكام وتطبيق الأحكام الوضعية كفر لا شك فيه، وأن هناك مع الأسف حكومات تنتسب إلى الإسلام لا تحكم شرع الله، وأنها وقعت في الكفر بلا شك، لكن كيف يمكن للإنسان أن يصلح مثل هذه المنكرات؟ ينبغي أن يرجع الإنسان إلى أهل العلم.

وهناك قاعدة عامة في هذا الموضوع، وهو: أن الأصل هو دعوة المجتمع، وإصلاح المجتمع، وتغيير المنكر بما يستطيعه الإنسان، وإصلاح الشباب، وإصلاح النساء، وإصلاح الآباء، والدعوة إلى الله من خلال المساجد، ومن خلال الكتابة في الصحافة، ومن خلال العمل المفيد والنافع للناس.

نحن نريد أن نجمع الإيجابيات من أطرافها، نريد أن نجمع إيجابية الثبات على المنهج السلفي الصحيح، وهو الضوابط الشرعية المتعلقة بالإيمان والكفر، وأن نحفظها، وأن نضبطها، وأن نتقنها، وبحاجة أيضاً إلى إصلاح المجتمع، والارتباط بأهل العلم فيما يتعلق بكيفية إنكار المنكرات.

<<  <  ج: ص:  >  >>