للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإيمان بالشفاعة والجنة والنار]

قال المؤلف رحمه الله: [ويشفع نبينا صلى الله عليه وسلم].

الشفاعة ثابتة، وهي أنواع: منها الشفاعة التي هي في فصل القضاء، يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع عند ربه من أجل أن يحاسب العباد، وهذه الشفاعة يقر بها كل المسلمين حتى المعتزلة والخوارج، لكن المعتزلة والخوارج ينفون الشفاعة لعصاة الموحدين، وهي ثابتة في النصوص الشرعية كما في حديث أبي هريرة الطويل في قصة الشفاعة وأنه يشفع لكل من قال: لا إله إلا الله، وأنه قال: (لكل نبي دعوة مستجابة، وجعلت دعوتي شفاعة لأمتي)، وقال: (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي).

إذاً الشفاعة أنواع: منها الشفاعة في فصل القضاء، ومنها الشفاعة لأهل الكبائر، ومنها الشفاعة لـ أبي طالب وهي خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وليست شفاعة في دخوله الجنة، وإنما هي شفاعة في التخفيف عليه من النار حتى يكون في ضحضاح يغلي منها دماغه، وورد في بعض النصوص أن له نعلين من نار يغلي منهما رأسه أعاذنا الله وإياكم من ذلك.

وهناك بعض أنواع الشفاعة لم يرد نص صريح في كونها من أنواع الشفاعة التي تكون يوم القيامة وإنما ورد فيها عموم الدعاء، مثل: الشفاعة لبعض المؤمنين أن يرفعه الله عز وجل في الجنة، ومثل: الشفاعة في التخفيف على بعض أهل النار ونحوها.

أما إنكار المعتزلة والخوارج لشفاعة عصاة الموحدين فذلك؛ لأنهم يعتبرون أن العصاة كفار وأنهم يخلدون في النار وأنهم مثل عموم الكفار الذين لا تحصل فيهم الشفاعة، بينما أهل السنة يرون أن عصاة الموحدين مازال معهم أصل الإيمان، وأنه يشفع لهم فيما يتعلق ببقية الذنوب وأن لأهل الإيمان شفاعة وللشهداء شفاعة ولكل نبي شفاعة وللملائكة شفاعة.

قال المؤلف رحمه الله: [ويشفع نبينا صلى الله عليه وسلم فيمن دخل النار من أمته من أهل الكبائر].

هذا هو موطن الخلاف الذي سبق أن أشرنا إليه.

قال المؤلف رحمه الله: [فيخرجون بشفاعته بعدما احترقوا وصاروا فحماً وحمماً، فيدخلون الجنة بشفاعته].

الشفاعة لها شرطان: الشرط الأول: إذن الشافع في المشفوع له.

والشرط الثاني: الرضا عن المشفوع له بأن يكون من أهل التوحيد.

هذان شرطان لازمان للشفاعة، فإنه لا يمكن أن تكون الشفاعة إلا بإذن الله عز وجل: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة:٢٥٥]، وأما رضاه للمشفوع فقال: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء:٢٨]، وجاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم من أسعد الناس بشفاعته؟ قال: (من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه).

قال المؤلف رحمه الله: [ولسائر الأنبياء والمؤمنين والملائكة شفاعات، قال تعالى: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء:٢٨]، ولا تنفع الكافر شفاعة الشافعين، والجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان، فالجنة مأوى أوليائه، والنار عقاب لأعدائه].

الجنة والنار ثابتتان في النصوص الشرعية، والقرآن مليء بذكر الجنة وأوصافها، وبذكر النار وأوصافها، وأهل السنة يؤمنون أن الجنة موجودة الآن؛ لأن الله عز وجل قال: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:١٣٣]، وأن النار موجودة الآن لأن الله قال: {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة:٢٤]، وهذه إشارة للماضي وفيها إشارة للحال وأنها موجودة الآن، وأول المعتزلة الجنة التي هي موجودة الآن بأنها جنة في الدنيا، وهذا تأويل فاسد، فإن الجنة التي يدخلها أهل الإيمان موجودة الآن، والنار التي يدخلها أهل العصيان أيضاً موجودة الآن كما تدل النصوص الشرعية على ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>