للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خصائص النبي صلى الله عليه وسلم]

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: [فصل: ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وسيد المرسلين، لا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته ويشهد بنبوته].

قوله: (محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين) هذا لا إشكال ولا شك فيه، فهو مما أجمع عليه المسلمون، وقد وصفه الله عز وجل بهذا الوصف في القرآن الكريم، فقال: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب:٤٠]، فهو خاتم النبيين بدون إشكال، ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا نبي بعدي)، ومن الغرائب أن رجلاً ادعى النبوة وغير اسمه إلى (لا) وحرَّف الحديث، وقال: إن الحديث ليس نفياً وإنما هو إثبات، فهو يقول: لا، نبيٌ بعدي، يعني: سيأتي رجل اسمه لا فيثبته أنه نبي بعده، وهذا يدل على الخرافات! وظهر رجل من المدعين للنبوة اسمه بيان بن سمعان، وكان من الباطنية، واستدل بقول الله عز وجل: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ} [آل عمران:١٣٨]، فهم من قوله: بيان، أنه ليس معناها الفصاحة، وإنما اعتبر نفسه هو المقصود في الآية، وقوله: للناس، يعني: رسولاً لهم.

وقول المؤلف: (سيد المرسلين)، ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر وأنا أول من ينشق عنه القبر ولا فخر).

هذا لا شك فيه، فإن من أصول الإسلام أن يؤمن الإنسان برسالة النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا يقول الله عز وجل: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:٦٥].

وأجمع المسلمون على أن من كفر بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم فهو ليس بمسلم، ولهذا من صحح دين النصارى أو دين اليهود الذين لا يؤمنون بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم فهو كافر خارج عن دائرة الإسلام.

ومع الأسف يوجد بعض الكتبة من الصحفيين الجهال من يصحح أديان اليهود والنصارى، ويقول: هل تتصورون أنه لا يدخل الجنة إلا المسلمون حتى لو كان بعضهم حمقى وأغبياء؟ وأن أذكياء الكفار مثل فولتير وغيره من المشهورين والعباقرة يدخلون النار؟! وهذا من سوء فهمه وضعف تدبيره، فإن الله عز وجل أخبر أنه لا يمكن لأحد أن يدخل الجنة حتى يكون مؤمناً، ولا يمكن أن يكون مؤمناً حتى يؤمن بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الفيصل بين المسلمين والكفار، فالفيصل بين المسلمين والكفار أمران: الأمر الأول: توحيد الله عز وجل، فالمشرك لا يدخل في الجنة وليس بمؤمن.

والأمر الثاني: إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، فالكافر بها لا يمكن أن يكون مؤمناً ولا مسلماً ولا يدخل الجنة.

وقوله: (ويشهد بنبوته)، هذه تابعة للتي قبلها.

قال: [ولا يقضى بين الناس في القيامة إلا بشفاعته].

وهذا سبق أن أشرنا إليه في باب الشفاعة، ففي حديث أبي هريرة الطويل في باب الشفاعة أنهم يأتون إلى آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ويطلبون منهم الشفاعة لفصل القضاء، ثم كل واحد منهم يعتذر، ثم يأتون إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول: (أنا لها، ثم يذهب ويسجد عند الله عز وجل، ثم يقول الله له: ارفع رأسك، وسل تعط، واشفع تشفع).

قال: [ولا يدخل الجنة أمة إلا بعد دخول أمته].

وهذا ثابت أيضاً في الحديث الصحيح: (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب قبلنا)، فلا يمكن أن يدخل الجنة أحد إلا إذا جاء النبي صلى الله عليه وسلم واستفتح، فيفتح له الملك ويقول: لك أمرت أن أفتح، وأول أمة تدخل الجنة هي أمة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ثابت كما سبق أن أشرنا إليه.

قال: [صاحب لواء الحمد].

هذا جاء في الحديث: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر، قال: وأنا صاحب لواء الحمد، والأنبياء والصالحون تحت لوائي يوم القيامة ولا فخر).

قال: [والمقام المحمود].

وهذا الذي أخبر الله عز وجل عنه، يعني: أن له المقام المحمود يوم القيامة، والمقصود بالمقام المحمود الشفاعة عندما يشفع للناس في فصل القضاء، قال تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء:٧٩].

قال: [والحوض المورود].

الحوض المورود سبق أن أشرنا إليه، والحقيقة أن الحوض ليس من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، فلكل نبي من الأنبياء حوض، وكل يتباهى بكثرة الواردين عليه، لكن أكثر الواردين هم على حوض النبي صلى الله عليه وسلم، وحوض النبي صلى الله عليه وسلم أكبر من بقية أحواض الأنبياء الأخرى، وأعظم وأكثر وروداً يوم القيامة.

قال: [وهو إمام النبيين وخطيبهم وصاحب شفاعتهم].

جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل يبعثه إماماً للنبيين، وخطيبهم وصاحب شفاعتهم، يعني: نفس النص وارد في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال: [وأمته خير الأمم].

كما قال الل

<<  <  ج: ص:  >  >>