للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الالتزام بالسنة في طلب العلم]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وهؤلاء هم: أهل السنة والجماعة المتبعون آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وأهل السنة نقاوة المسلمين، وهم خير الناس للناس.

فالتزم السبيل: {وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام:١٥٣]].

خلاصة هذا الأدب الرفيع هو أن الإنسان ينبغي أن يلتزم سنة النبي صلى الله عليه وسلم في طلبه للعلم، فيطلب العلوم السنية مثل: قراءة القرآن، والقراءات، وحفظ القرآن، وتفسير القرآن، وعلوم القرآن، وكذلك السنة، والحديث، ودراسة مصطلح الحديث، ودراسة ما يتعلق بهذه العلوم الشرعية، ودراسة العلوم التي تفيد في فهم الكتاب والسنة وهي علوم الوسائل، وأن يبتعد الإنسان عن كل علم من العلوم التي أضيفت إلى العلوم الشرعية وهو ليس منها، مثل: علم الكلام، وعلم الفلسفة، والمنطق ونحو ذلك، فهذه كلها علوم مذمومة فرقت المسلمين إلى فرق، وجعلتهم فرقاً وأحزاباً والعياذ بالله.

فينبغي للإنسان أيضاً أن يوظف السنة على نفسه، فيلتزم بالسنة في مظهره ومخبره، فيلتزم بالسنة في ظاهره من ناحية تشمير الثياب، وإعفاء اللحية، والحرص على السنة في الصلاة، والحرص على السنة في التعامل مع أهل العلم، والحرص على السنة في كل أبواب الدين، والذين يسمون هذه السنن قشوراً مخطئون خطأ كبيراً، والذين يسمون هذا إغراقاً في الجزئيات هذا أيضاً خطأ كبير.

فينبغي للإنسان أن يحرص على السنة في الظاهر والباطن، ومثال السنة في الباطن: التوكل على الله، ومحبة الله، وتنمية الإيمان في القلب، والحرص على أسباب الإيمان، والبعد كل البعد عما ينقص الإيمان، ومما ينقص الإيمان أن ينظر الإنسان إلى ما حرم الله سبحانه وتعالى بحجة: متابعة الأخبار، فبعض الشباب قد يكون ملتزماً، وقد يكون صالحاً، وقد يكون من طلاب العلم، لكنه يكون عنده تفريط في هذه الزاوية، فقد ينظر إلى النساء، وقد يتجاوز في استعمال القنوات الفضائية فينظر بحجة متابعة أخبار المسلمين، علماً بأن أخبار المسلمين يمكن أن تتابع بغير هذا الطريق الذي يوصل إلى المحرم، فينظر الإنسان إلى امرأة تقرأ الأخبار وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن ينظر الإنسان إلى النساء، والنظرة توقع الفتنة في القلب والعياذ بالله، فحينئذ يصبح الإنسان قد توصل إلى الشيء الذي يريده وهو متابعة أخبار المسلمين بوسيلة غير صحيحة، أو التساهل مثلاً في الانترنت إلى درجة مثلاً الدخول إلى المواقع الخبيثة والسيئة.

ولهذا ينبغي للإنسان أن يحرص غاية الحرص على نقاء مظهره، وباطنه، وأن يحرص على غرس الإيمان في قلبه، وأن يبتعد عن كل وسيلة من الوسائل التي تفسد عليه إيمانه.

وبعض الناس قد يقول: يا أخي! المشايخ يشاركون في القنوات الفضائية، فنقول: إن المشايخ الذين يشاركون في القنوات الفضائية أشخاص اجتهدوا، ويرون أن هناك كثيراً من المسلمين لا يحضرون المساجد، ولا يستمعون إلى المحاضرات، ولا يستمعون إلى خطب الجمعة، ولا يقرءون شيئاً مما يكتبه الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى، وهم أمام الشاشة بشكل مستمر، فهم يريدون مخاطبة هؤلاء، والحريص فعلاً على رؤية المشايخ وعلى الاستفادة منهم، فلهم منشورات كثيرة، ولهم كتب مطبوعة في الأسواق، فهل قرأها أحد؟ ولهم أشرطة يمكن الاستماع إليها، فهل لم تبقَ إلا هذه الزاوية وهي النظر إلى المشايخ في القنوات الفضائية؟! وقد يأتي بعض الطيبين بشيء من هذه القنوات إلى بيته ويقول: هذا أمر لا بد منه، ونحن الآن في زمن الانفتاح ونحو ذلك من الكلام، وهذا كلام كله ساقط، ولو انفتحت الدنيا كلها على الحرام فيجب ألا تنفتح أنت، وهذا من استخدام العبارات المطاطة والعائمة مثل: قضايا الانفتاح، وقضايا التواصل العالمي وغير ذلك.

فهذه الكلمات كلها لا يمكن أن تؤثر علينا فنرتكب المحرم، فالمحرم يجب تركه مهما حصل.

فينبغي للإنسان أن يكون حريصاً، وكما قلت: فأهل العلم الذين لهم رؤية معينة في المشاركة لا يقصدون مخاطبة الصالحين الذين يمكن أن يحضروا إلى المساجد ليستمعوا إليهم، وإنما قصدهم الأول: مخاطبة الذي لا يمكن مخاطبتهم إلا من خلال هذه الوسيلة.

فالذين يحتجون بهذا يحتجون به في غير مكانه، وإن كان كثير من أهل العلم يرون أن المشاركة في مثل هذه القنوات الفضائية ليس فيها مصلحة لا من قريب ولا من بعيد، لكن على كل حال فالمسألة اجتهادية، وهي قابلة للأخذ والرد وليست مسألة قطعية، هذا ما يتعلق بهذا الأدب العظيم من آداب الإنسان مع نفسه: أن يكون على السنة في كل أحواله وشئونه.

<<  <  ج: ص:  >  >>