للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الدهر ليس من أسماء الله تعالى]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وبهذا أيضاً علم أن الدهر ليس من أسماء الله تعالى؛ لأنه اسم جامد لا يتضمن معنى يلحقه بالأسماء الحسنى، ولأنه اسم للوقت والزمن، قال الله تعالى عن منكري البعث: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية:٢٤]، يريدون مرور الليالي والأيام.

فأما قوله صلى الله عليه وسلم: (قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار) فلا يدل على أن الدهر من أسماء الله تعالى؛ وذلك أن الذين يسبون الدهر إنما يريدون الزمان الذي هو محل الحوادث لا يريدون الله تعالى، فيكون معنى قوله: (وأنا الدهر) ما فسره بقوله: (بيدي الأمر أقلب الليل والنهار)، فهو سبحانه خالق الدهر وما فيه، وقد بين أنه يقلب الليل والنهار، وهما الدهر ولا يمكن أن يكون المقلِّب بكسر اللام هو المقلَّب بفتحها، وبهذا تبين أنه يمتنع أن يكون الدهر في هذا الحديث مراداً به الله تعالى].

أي: أن الدهر ليس اسماً من أسماء الله تعالى؛ فلابد أن تكون أسماؤه حسنى وأن تتضمن معان جليلة، والدهر ليس اسماً حسناً؛ لأنه -كما ذكر الشيخ- اسم للوقت والزمان، واسم لمرور الليالي والأيام، وليس فيه معنى حسناً، ولهذا فالله عز وجل يقول عن منكري البعث: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية:٢٤] يعني: لا يهلكنا إلا مرور الأيام، فلم ينسبوا الهلاك إلى الله تعالى.

وأما ما يروى عن الله تعالى في الحديث القدسي أنه قال: (يؤذيني ابن آدم: يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار)، فليس المقصود بقوله: (وأنا الدهر) أن اسمه الدهر؛ لأن الذين يسبون الدهر في الأصل لا يريدون سب الله سبحانه وتعالى، وإنما يريدون سب الأيام والليالي النحسات التي مرت عليهم، وقوله: (وأنا الدهر) يعني: أنه سبحانه وتعالى لما خلق الأيام والليالي وهو سبحانه وتعالى مبنيها ومدبرها سبحانه وتعالى قال: (وأنا الدهر)، ثم فسر ذلك بقوله: (أقلب الليل والنهار)، وسيأتي معنا إن شاء الله جملة من النصوص الشرعية التي استغلها أهل التأويل لمحاولة زعزعة العقيدة الصحيحة وإشغال الناس بهذه النصوص، وسيأتي تفسيرها بإذن الله تعالى.

وهذه القاعدة كان مصدر المصنف فيها هو كتاب التنبيهات السنية في شرح العقيدة الواسطية للشيخ عبد العزيز بن ناصر الرشيد، فقد ذكر هذه القاعدة بنفس الطريقة التي ذكرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>