للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[دلالة السمع والعقل والفطرة على إثبات صفات الكمال لله عز وجل]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقد دل على هذا السمع والعقل والفطرة] يعني: هذه الأمور دلت على إثبات صفات الكمال لله عز وجل، وأنها لا تتضمن النقص بأي وجه من الوجوه.

وكذلك نحن نقول: إن النصوص الشرعية تتضمن أدلة عقلية؛ لأن بعض الأشخاص يقول: لابد أن نستدل بالأدلة العقلية ونترك الأدلة الشرعية، فإذا سألناه لماذا؟ قال: لأننا إذا جئنا إلى الملاحدة والمشركين وقلنا لهم: قال الله تعالى، قال الله تعالى، قالوا: نحن لا نعترف لكم بالقرآن أصلاً؛ فكيف يكون دليلاً عليهم؟ نقول: لا حاجة لك إلى أن تخترع أدلة عقلية، بل ارجع إلى القرآن وإلى السنة وستجدها مليئة بالأدلة العقلية.

مثل الدليل الذي سبق معنا وهو محاجة إبراهيم لأبيه، فإبراهيم أراد أن يبطل عبادة أبيه لهذا الصنم الذي كان يعبده من دون الله عز وجل، وأراد أن يبين أن الصنم لا يستحق العبادة، فقال: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ} [مريم:٤٢] يعني: أنت أفضل من هذا الصنم؛ لأنك تسمع، {وَلا يُبْصِرُ} [مريم:٤٢] وأنت تبصر، {وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} [مريم:٤٢] والإله لابد أن يكون نافعاً لمن يعبده.

وحينئذٍ نقول: إن الأدلة القرآنية والنبوية مليئة بالأدلة العقلية، ولا حاجة للإنسان أن يستجدي ويطلب الأدلة العقلية من غيرهما.

فالقرآن كما وصفه الله عز وجل: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل:٨٩]، وهو هدى، ونور، وهو مشتمل على كل الخير، ومنها الأدلة العقلية على إثبات العقائد، وعلى إثبات وجود الله، وعلى إثبات أن الله له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وعلى إثبات نبوة الأنبياء، وعلى إثبات البعث والجزاء، وعلى إثبات إفراد الله عز وجل بالعبادة وهكذا.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [أما السمع فمنه قوله تعالى: {لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [النحل:٦٠]، والمثل الأعلى: هو الوصف الأعلى.

وأما بالعقل فوجهه: أن كل موجود حقيقة بد أن يكون له صفة].

يعني: أي موجود سواء خالق أو مخلوق لابد أن يكون له صفة، هذه الصفة إما أن تكون صفة كمال أو صفة نقص، ولا يمكن أن يكون الإله فيه صفة نقص، لأنه إذا كان فيه صفة نقص لا يستحق أن يكون إلهاً، وحينئذٍ فلما كان الله عز وجل إلهاً حقاً دلّ هذا على أن جميع صفاته صفات كمال؛ لأنه إله حق.

وهناك جملة من الأدلة العقلية يمكن مراجعتها في كتاب مجموع الرسائل والمسائل (٥/ ٤١ - ٥٠).

قال: [ثم إنه قد ثبت بالحس والمشاهدة أن للمخلوق صفات كمال].

وقد سبق أن بينا أن هذا دليل عقلي شرعي، عقلي من ناحية أنه استدل عليه بالعقل، وشرعي من ناحية أن الشرع استخدم هذا الدليل وهو أن للمخلوق صفات كمال.

قال: [وهي من الله تعالى فمعطي الكمال أولى به] كما سبق أن بينا في هذا المثال الذي في قصة عاد عندما قالوا: {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [فصلت:١٥]، يعني: هو أشد منهم قوة سبحانه وتعالى.

قال المؤلف رحمه الله: [وأما الفطرة] الفطرة: هي غريزة في الإنسان من محبة الله عز وجل وتعظيمه.

قال: [فلأن النفوس السليمة مجبولة مفطورة على محبة الله وتعظيمه وعبادته، وهل تحب وتعظم وتعبد إلا من علمت أنه متصف بصفات الكمال اللائقة بربوبيته وألوهتيه].

يعني: لا يصح أن يكون الإله مشتملاً على صفات النقص، وحينئذٍ فالإله اشتمل على صفات الكمال سبحانه وتعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>