للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم تحطيم الأصنام]

السؤال

بعض العلماء يقولون: ما فعلته دولة الطالبان في أفغانستان من تحطيم الأصنام فعل خاطئ؟

الجواب

سبحان الله! الآن هذه الأصنام التي وجدت عندهم إما أنها تعبد أو لا تعبد، فإن كانت تعبد فتحطيمها واجب، وإن كانت لا تعبد فهي حجارة حطموها، ولو أن إنساناً حطّم جبلاً من الجبال، فهل يذم؟ وهل يشنع عليه؟ هل يتكلم عليه بهذه الطريقة، ويسب بهذا الأسلوب؟ فهذا جبل من حجارة أنا أريد تحطيمها، فإذا سئلت: لماذا تريد تحطيمها؟ أقول: أحب أن أحطم الحجارة، فهل يذم الإنسان على هذا؟ غاية ما هنالك أن يقال: كان الأولى أن يشتغل بغيره.

إذاً: لا شك أن من يخطئ هؤلاء هو مخطئ مائة بالمائة؛ لأنه إن كانت تعبد فإزالتها واجبة، وإن كانت لا تعبد، وقيست على الأحجار! فالإنسان إذا حطم أحجاراً ليس مذموماً ولا مخطئاً، ولهذا لا يصح تخطئة هؤلاء فيما فعلوا.

هذا مع أن النصوص الشرعية جاءت بإزالة الأوثان، وإزالة الأصنام، ووجوب تحطيمها، وهذه واضحة في النصوص الشرعية، في القرآن وفي السنة، وفي أفعال الصحابة رضوان الله عليهم، واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار؛ فإن قال بعض الناس: إنها لا تعبد، فلماذا هم يشتغلون بتحطيمها؟ نقول: لو لم تكن معبودة لما تحرك العالم بهذا الأسلوب، فإنه لا يشترط من العبادة أن يكون سجوداً وانحناءً، قد يكون تعظيماً في بعض الأحيان باسم التراث وباسم الحضارة مثلاً.

فالحاصل: أن هؤلاء مصيبون فيما فعلوه، والنصوص الشرعية تدل على ذلك، وغاية ما هنالك أن يقال: إنهم اشتغلوا بأمر مباح، ولا يذم الإنسان على اشتغاله بالأمر المباح، فهو لم يرتكب منكراً، ولم يعص الله بتحطيمه، فلماذا ينكر عليه؟ ولهذا لا شك أن من يخطّئ هؤلاء مخطئ، وخطؤه ظاهر وواضح.

وهذا مؤشرة يدل على أن العالم اليوم متجه لتعظيم الآثار، ومتجه لتعظيم الحضارات البائدة القديمة، ولربط الأمم بها؛ ولهذا كان من أعظم سياسات الإنجليز عندما استعمروا مصر، وكذلك الفرنسيون من قبل أن ربطوا المسلمين الموجودين في مصر بالتراث الفرعوني، وأخرجوا الأصنام التي كانت موجودة في الأهرامات، ووضعوا لها متحفاً، وعندما جاء نابليون في حملته إلى مصر جاء بمعهد للتراث الفرعوني، وما يزال المعهد موجوداً إلى الآن، فالاتجاه إلى إحياء الملل والعقائد البائدة القديمة التي قبل الإسلام! مقصد من مقاصد الغزو الفكري، وهذا واضح في كل بلاد المسلمين التي استعمرت من جهة هؤلاء الكفار، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى: هؤلاء الذين يدافعون عن هذه الأصنام المحطمة، لو قيل: نريد أن نزيل القباب التي على القبور، ماذا سيقولون؟ سيشغبون علينا أيضاً، ويقولون أنتم تحطمون القباب التي على قبور الصالحين والأولياء! لماذا لا تجعلونها موجودة، حتى نذكر الناس بصلاح هؤلاء، وبتقواهم وبعبادتهم لله، فنأخذ منهم القدوة الصالحة والحسنة؟ ثم يعطونك موضوعاً طويلاً، وموعظة طويلة في القدوة والاقتداء، ولا شك أن هؤلاء الذين يتكلمون بهذه الطريقة ليس عندهم علم شرعي صحيح ينطلقون منه، وإنما هي مجرد عواطف ومجرد تصرفات، في بعض الأحيان يكون لها مغازٍ سياسية معنونة عند صاحبها، وفي بعض الأحيان يكون انحراف فكري موجود عند هذا الإنسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>