للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفرق بين قولنا: القرآن منزل وقولنا: القرآن مخلوق]

السؤال

ما الفرق بين قولنا القرآن منزّل، والقرآن مخلوق؛ حيث إني أرى أن الاختلاف في ذلك لا يؤدي إلى الاختلاف في العبادة والاتباع؟

الجواب

هناك فرق كبير جداً، فإذا قلنا: القرآن منزّل، فالمعنى: أن الله عز وجل تكلم بهذا القرآن، وأن الكلام صفة من صفات الله عز وجل، سمع جبريل هذا القرآن وجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونزل به، وليس المقصود بالقرآن المنزّل المصحف المطبوع، وأنه كان في السماء ثم نزل إلى الأرض، وإنما المقصود بقوله: (منزّل): أن جبريل عليه السلام سمع الكلام من الله سبحانه وتعالى ثم نزل إلى الأرض وبلغه للرسول صلى الله عليه وسلم.

وإذا قلنا إنه مخلوق: فمعنى هذا أن الله لم يتكلم، وهذا هو الذي يريدون الوصول إليه، قالوا: لأن الكلام يستلزم حلول الحوادث بذاته، وحلول الحوادث بذات الله عز وجل منتف؛ لأنه يستلزم أن يكون جسماً، وهكذا يرتبونها بهذه الطريقة التي سيأتي شرحها بإذن الله تعالى.

وأما قولك: إن هذا الاختلاف لا يؤدي إلى الاختلاف في العبادة والاتباع، فعليك أن تدرس الموضوع دراسة كافية، حينئذ ستفهم هذه القضية، لكن مجرد أن يسمع الإنسان كلمة أن القرآن المخلوق، والقرآن منزّل! ويفكر فيها وهو لم يقرأ فيها ولم يبحث ولم يعرف تاريخها ولم يناقش فيها، ولم يقرأ فيها قراءة تفصيلية فسيرى أنه أمر، فشيء عادي أن يقول: ما الفرق بينهما؟ وأنا لا أقصد هذا الأخ، لكن أكثر من يتكلم في قضايا العقائد فيضل فيها، سبب ضلاله أنه ما درس أصلاً، ولا بحث ولا قرأ ولا تفهّم ولا تفقه في الدين، وحينئذٍ قد يصبح دكتوراً ويصبح إنساناً كبيراً ويؤلف كتاباً ثم يقول: ما الفرق بين كذا وكذا؟ ولماذا لا يقال: كذا؟ طبعاً أنا لا أتكلم على الأخ، فغير هذا الأخ قد يؤلف كتاباً ويقول: ماذا على المعتزلة عندما قالوا: إن القرآن مخلوق؟ لماذا نحيي هذا الخلاف ونجعل هذه المصيبة الكبرى في الفكر الإسلامي، وفي الحضارة الإسلامية من أجل كلمة؟ لكننا نقول له: إن الإمام أحمد صبر على التعذيب من أجل القرآن! وهو قد يستغرب ويقول: لماذا يصبر الإمام أحمد؟ لماذا يتعب نفسه؟ يقول ذلك لأنه أصلاً لم يفهم الموضوع؛ إذاً: بدلاً من أن تستغرب بهذه الطريقة، وتجعل استغرابك أصلاً وتكتبه وتجاهد عليه! ابحث، وتفقه، وادرس، حينئذ ستعرف لماذا وقف أهل العلم موقفاً قوياً من هذا الموضوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>