للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر منكري الحوض وسبب إنكارهم له]

أنكر الخوارج والمعتزلة الحوض، وممن أنكر الحوض كذلك عبيد الله بن زياد، وهو أحد أمراء العراق لـ معاوية وابنه يزيد، فقد أخرج أبو داود عن أبي برزة الأسلمي: أنه دخل على عبيد الله بن زياد فذكر ابن زياد الحوض، فقال: (هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر فيه شيئاً؟ فقال أبو برزة: نعم، لا مرة ولا مرتين ولا ثلاثاً ولا أربعاً ولا خمساً، فمن كذب به فلا سقاه الله منه).

ويزيد القصة وضوحاً حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الذي رواه أبو يعلى في مسنده قال -يعني: أنس -: دخلت على ابن زياد وهم يذكرون الحوض، فقال: هذا أنس، فقلت: (لقد كانت عجائز المدينة كثيراً ما يسألن ربهن أن يسقيهن من حوض نبيهن) وإسناده صحيح.

وكذلك روى أبو داود من طريق يزيد بن حبان التيمي قال: شهدت زيد بن أرقم وبعث إليه ابن زياد -وهو عبيد الله بن زياد - فقال: (ما أحاديث تبلغني أنك تزعم أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم حوضاً في الجنة؟ قال: حدثنا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم).

وعبيد الله بن زياد هو من النواصب الذين كانوا يبغضون علي بن أبي طالب، بل ربما تكلم على بعض الصحابة، فلما جاءه عائذ بن عمرو رضي الله عنه وقال له: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن شر الرعاع الحطمة)، وإني أخشى أن تكون منهم، فقال: اجلس إنما أنت من نخالة أصحاب محمد، فقال له عائذ: وهل كان فيهم نخالة؟! إنما كانت النخالة فيمن بعدهم.

يقصده.

فهذه هي مسألة الحوض، والأقوال في هذه المسألة، وإنما أنكره الخوارج والمعتزلة لمخالفته للعقل في زعمهم، فإن لهم أصلاً في باب السمعيات الخبريات التي لا تقبل العقل: يؤولونها جميعاً، فيؤولون الميزان، ويؤولون الصراط، ويؤولون الحساب، ويؤولون الحوض وغير ذلك من السمعيات.

وأما الأشاعرة فإنهم يثبتون الحوض، ويقولون: إن كل السمعيات بعد إثبات النبوة تكون مثبتة، هذا هو أصلهم في هذه القضية.

<<  <  ج: ص:  >  >>