للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر الخلاف في إثبات أحواض أخرى لبقية الأنبياء عليهم السلام]

هل الحوض خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم أم أن لبقية الأنبياء أحواض؟ المشهور في هذه المسألة هو أن الحوض خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، وورد في ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو ما رواه الترمذي من حديث سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لكل نبي حوضاً، وإنهم يتباهون أيهم أكثر وارداً، وإني أرجو أن أكون أكثرهم وارداً) لكن هذا الحديث في إسناده سعيد بن بشير وهو ضعيف، كما أن فيه انقطاعاً بين الحسن البصري وسمرة بن جندب، وبناءً على هذا يكون هذا الطريق الذي رواه الترمذي طريقاً ضعيفاً، ثم إن الترمذي نفسه قال: إن الصحيح هو المرسل، يعني: المرسل عن الحسن، ورواه ابن أبي الدنيا مرسلاً وصححه الحافظ إلا أن فيه زيادة وهي قوله: (وهو قائم على حوضه بيده عصا يدعو من عرف من أمته، إلا أنهم يتباهون) إلى آخر الرواية التي سبق أن ذكرناها من رواية الترمذي، وقد رواه الطبراني أيضاً مرفوعاً عن سمرة لكن في إسناده ضعفاً، كما رواه أيضاً ابن أبي الدنيا من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً وفي إسناده ضعف أيضاً.

ولعل الذين قالوا بأن الحوض خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم اعتمدوا على أنه لم يوجد دليل صحيح يثبت وجود أحواض أخرى للأنبياء لبقية الأنبياء، لكن هذه الأسانيد يقوي بعضها بعضاً، وتكون في مرتبة الحديث الحسن، وحينئذٍ يكون للأنبياء أيضاً أحواض أخرى، ولكن أكثرهم وارداً هو حوض النبي صلى الله عليه وسلم، بينما الخاص بالرسول صلى الله عليه وسلم هو الكوثر، فإن الكوثر خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لأمرين: الأمر الأول: أنه لم يثبت أنه أعطي أحد من الأنبياء مثله.

الأمر الثاني: الامتنان الوارد في السورة، ولا سيما أنه جاء بأسلوب يشبه الحصر، عندما قال: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر:١] فإنه لو كان الكوثر أو مثله قد أعطي لغير النبي صلى الله عليه وسلم لما كان في هذا امتنان، فلما وجد الامتنان دل على الخصوصية، وأن الكوثر خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>