للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحكم على المعين بالجنة والنار]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولا ننزل أحداً منهم جنة ولا ناراً].

قوله: (ولا ننزل أحداً منهم جنة ولا ناراً) المقصود بقوله: (منهم) يعني: من المسلمين من أهل القبلة، فلا يجوز لأحد أن يقول لأحد من أهل القبلة مات: هذا من أهل النار، كما لا يجوز أن يقول: هذا من أهل الجنة؛ لأن هذا من التعدي، فإنه ادعاء لما لم يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.

إلا أن السلف رضوان الله عليهم اختلفوا في مسألة الشهادة بالجنة، فإن للسلف فيها أقوالاً، فبعضهم قال: نشهد بالجنة للأنبياء، ومن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة، وهذا هو الصحيح، وهو الذي عليه الأكثر.

وبعضهم قال: إن من شهد له المسلمون بالصلاح والتقوى فنشهد له كذلك، ويستدل على ذلك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءت الجنازة الأولى فأثنوا عليها خيراً فقال: وجبت، فلما جاءت الثانية أثنوا عليها شراً، فقال: وجبت، فقالوا: ما وجبت؟ فقال: (هذا أثنيتم عليه خيراً فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شراً فوجبت له النار؛ أنتم شهداء الله في أرضه).

وأما الكفار الذين لا شبهة في كفرهم، يعني: لا ينتسبون إلى الإسلام بوجه من الوجوه مثل اليهود والنصارى والوثنيين فهؤلاء إذا ماتوا يصح للإنسان أن يشهد لهم بالنار، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار) ويقول الله عز وجل: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة:١١٣] ثم قال: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} [التوبة:١١٤] يقول ابن عباس: تبين له أنه عدو لله لما مات، لكن قبل أن يموت كان يدعو له؛ لعل الله عز وجل أن يهديه، فلما مات تبين له أنه عدو لله، فترك الدعاء له.

<<  <  ج: ص:  >  >>