للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إرادة ومشيئة العبد مختلفة عن إرادة ومشيئة خالقه]

السؤال

يعمل العبد العمل بمشيئته كما هو معلوم، ومشيئته تابعة لمشيئة الله، فالله عز وجل أراد وشاء عمل العبد قبل خلقه بعلمه أم أن العبد هو الذي يعمل هذا العمل، فهل يقال: إن مشيئة الله سبحانه تابعة لما أراده العبد بما علم الله أنه سيفعله؟

الجواب

تصوُّر المسألة هذه ببساطة: هو أن الله عز وجل ليس كالمخلوق، فأنت إذا فهمت وأيقنت أن الله عز وجل ليس كخلقه، وأن علمه ليس كعلم خلقه، وأن إرادته ومشيئته ليست كإرادة خلقه؛ زال عنك الإشكال، ولهذا دائماً مرد مسائل القدر إلى العلم، يقول الشافعي رحمه الله: ناظروا القدرية بالعلم، فإن أجابوا خصموا، وإن أنكروا كفروا.

فمردها إلى معرفة الله عز وجل معرفة تامة، والله عز وجل قبل أن يخلق العبد يعلم ماذا سيعمل، فإذا جاء العبد واختار الفعل، واختياره هذا لا يتم ولا يحصل إلا باختيار الله عز وجل، وبإرادة الله سبحانه وتعالى، واختيار العبد هذا ليس مجبوراً فيه؛ لأنه هو المختار حقيقة، لكن لكون العبد عبداً، ولكونه مخلوقاً، ولكونه غير خالق، ولكونه لا يمكن له أن يريد ويفعل دون التعلق بخالقه الذي خلقه سبحانه وتعالى، فلا بد أن تكون إرادته بعد إرادة الله عز وجل، فلا يمكن تصور تعارض بين إرادة العبد وإرادة الله سبحانه وتعالى، وفعل العبد وعلم الله سبحانه وتعالى، إذا تصور الإنسان هذه الحقيقة زالت عنه هذه المشكلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>