للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أهمية العقيدة الصحيحة والعمل الصالح]

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً مزيداً إلى يوم الدين.

أما بعد: إننا نعيش في هذه الأيام فترة صعبة من فترات حياة المسلمين، كثرت فيها الفتن والانحرافات السلوكية والعقدية والفكرية؛ ولهذا كثير من الناس اليوم أصبحوا صرعى لهذه الفتن: فتن الشهوات وفتن الشبهات، والذي ينبغي على الإنسان أن يحرص على سلامة دينه وأخلاقه، وعلى سلامة فهمه وعقيدته، فإن الإنسان في هذه الدنيا مستخلف، وهو يعيش في فترة محدودة ثم ينتقل بعد ذلك إلى دار الجزاء والحساب، وهذه الفترة هي فترة ابتلاء وامتحان بالنسبة للإنسان، كما قال الله عز وجل: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود:٧] فيحتاج الإنسان فيها أن يتزود، وأن يجتهد في العمل، فهي فترة تحتاج إلى الاجتهاد والعمل، فإذا مات الإنسان انقطع عمله، ولم يبق من عمله شيء إلا ما خلف كولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية، أو علم ينتفع.

والمنهج الذي يجعل الإنسان يسير على هدىً من الله سبحانه وتعالى في هذا الطريق الذي تعترضه كثير من المصائب والمشكلات والفتن، هو المنهج الصحيح منهج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة)، ولما سئل عنها قال: (من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)، فعلى المستوى الشخصي بالنسبة للإنسان ينبغي أن يهذب نفسه وأن ينمي قلبه بالإيمان وبالأعمال الصالحة وبالتقوى، وينبغي له أن يزكي نفسه، كما قال الله عز وجل: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس:٩ - ١٠]، وتزكية النفس تكون بمحبة الله والتوكل على الله، والاعتماد على الله، والخوف من الله، وتنمية الإيمان في القلب من خلال الأعمال الصالحة، فإن كثرة الأعمال الصالحة تنمي الإيمان في قلب الإنسان، وتجعله متعلقاً بالله عز وجل، وعلى قدر اجتهاد الإنسان في البعد عن المعصية وفي فعل ما أمر الله سبحانه وتعالى على قدر ما ينمو إيمانه أكثر وأكثر حتى يجد حلاوة وطعم الإيمان في قلبه وفي نفسه.

وينبغي على الإنسان أن ينمي معرفته بالعلم الذي يضبط دين الإنسان ويضبط عقيدته، فأحياناً قد يكون الإنسان صالحاً وتقياً وكثير صلاة وصيام لكن لنقص العلم قد يقع في الخلل؛ ولهذا لا بد من أمرين مهمين: الأمر الأول: العلم، والثاني: العمل، هذا على المستوى الفردي وعلى المستوى الشخصي، أما على مستوى الأمة، فالأمة في هذه الفترة تعاني من المشكلات ومن الأذى فنحن نسمع بما يفعله اليهود عليهم لعنة الله في فلسطين، وما يفعله المستعمرون المحتلون الأمريكان في العراق وأفغانستان وغيرها، وما يحصل من القتل والأذى للمسلمين، وعلى الرغم من ذلك إلا أن هذه الأمة ولله الحمد -في هذه الفترة- تعيش صحوة إسلامية متنامية تزيد يوماً بعد يوم، والتي يجب أن تجعل في نفوسنا أملاً وفرحاً بنصر الله عز وجل، ولكن نصر الله عز وجل لا يتحقق للإنسان إلا إذا حقق ما وعد الله عز وجل به أهل الإيمان، فإن من اجتهد في نصر الله سبحانه وتعالى بالعلم والعمل الصالح والإيمان والتقوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة والإصلاح، فإنه سيتحقق له النصر بإذن الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا فإن المعصية لها تأثير كبير جداً في تأخير النصر وفي حصول الهزيمة، فينبغي علينا دائماً أن نجتهد في أن نتفاءل بالخير، وأن نجتهد في توعية الأمة بما يصلحها، وأن نجتهد في تحذيرها من برامج وخطط المنافقين اللصوص الذين يريدون قطع الطريق على هذه الأمة ويحرفونها عن منهجها الرباني الذي أمرها الله عز وجل أن تتمسك به.

إذاً: إذا عاد الإنسان إلى الله عز وجل على المستوى الشخصي، وعلى المستوى العام للأمة فإن هذا سيجعل هذه الأمة في تقدم، ونصبح على خير، ولأن يموت الإنسان على التوحيد خير له من أن يقع صريع الشرك والبدع والمعاصي والشهوات المحرمة، حتى لو كان يملأ بطنه من الأكل والشرب، وحتى لو كان يملأ جيبه من المال، وحتى لو كان يركب أحسن السيارات ويسكن أفخم القصور؛ لأن هذه الدنيا محدودة الزمن وفي وقت محدد ليرتحل الإنسان عنها.

لقد عاش أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقراء، بل عاش الأنبياء الذين هم أفضل من الصحابة فقراء لا يملكون شيئاً من هذه الدنيا، كان يمر الشهر بأكمله على بيت النبي صلى الله عليه وسلم لا يوقد فيه نار، وإنما طعامهم الأسودان التمر والماء، ومع هذا لم ينقص منه ومن قدره عليه الصلاة والسلام شيء، وإنما علا لأن هذه الدنيا ليست دار بقاء، وإنما هي دار انتقال.

<<  <  ج: ص:  >  >>