للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أسماء الله عز وجل وصفاته توقيفية]

قال: [ولا يقاس بخلقه سبحانه وتعالى].

وهذا يدعونا إلى الحديث عن أسماء الله عز وجل وصفاته، هل هي توقيفية أم أنها اجتهادية؟ أسماء الله عز وجل وصفاته توقيفية لا مجال للاجتهاد فيها، فما دلت عليه النصوص من أسمائه سبحانه وتعالى آمنا به، وما دلت عليه أيضاً من صفاته آمنا به، وما لم تدل عليه فإنه لا يثبت ولا ينفى إلا إذا كان يتضمن معنىً باطلاً فإنه حينئذٍ يرد، وأما الألفاظ التي تشتمل على معانٍ من الحق ومن الباطل فلا بد أن يستفصل فيها.

إذاً القاعدة: أن أسماء الله عز وجل توقيفية، وكذلك صفات الله عز وجل توقيفية.

وأما الإخبار عن الله عز وجل بالمعنى الصحيح فإنه جائز لا شيء فيه، ومن هنا جاء جواز ترجمة معاني صفات الله عز وجل بلغات أخرى، فإنه عندما يوجد مسلم حديث عهد بإسلام مثلاً لا يعرف اللغة العربية، ونريد أن نخبره عن الله عز وجل فيجوز أن تترجم له معانيها، ولا يعني هذا أن الكلمات الانجليزية أو أي لغة أخرى هي في لفظها صفات لله عز وجل، وإنما معناها صحيح وثابت عن الله عز وجل، وحينئذٍ يجوز الإخبار عن الله عز وجل بكل معنىً صحيح.

فما ننسبه إلى الله عز وجل ثلاثة أشياء: الأسماء والصفات -وهذه توقيفية- والإخبار عن الله عز وجل إذا كان بمعنىً صحيح فلا شيء فيه.

أما الألفاظ المحدثة الجديدة مثل الجهة والجسم، مثلاً لو قال لك إنسان: هل الله عز وجل له جسم، تقول: كلمة جسم هذه لم يرد في القرآن ولا في السنة إثباتها، ولم يرد فيهما نفي هذه اللفظة، فماذا يُقصد بجسم؟ فإن كان يقصد به البدن كما هو في اللغة العربية، وما نعرفه من الأبدان، فإن هذا معنى باطل ننفيه عن الله عز وجل؛ لأنه ليس كمثله شيء، وإن كنت تقصد به اصطلاحاً خاصاً لكل موصوف؛ فإن الله عز وجل موصوف بصفة.

ونحن نقول: إن هذا الاستعمال من حيث اللفظ بدعة؛ لأنه لم يرد في القرآن ولا السنة، وفي بعض الأحيان قد يمتحن بعض أهل البدع أهل السنة والجماعة بألفاظ يستخدمونها يقولون لهم: هل تثبتونها أو تنفونها؟ فمثل هذه الألفاظ من حيث الاستعمال بدعة، ومن حيث المعنى لا يصح نفيها؛ لأنك إذا نفيتها قد تنفي شيئاً من الحق، ولا يصح إثباتها؛ لأنك إذا أثبتها قد تثبت شيئاً من الباطل لكن نستفصل فيها.

مثل قول بعضهم: هل الله عز وجل في جهة؟ نقول: ماذا تعني بجهة؟ إن كنت تعني جهة العلو؛ فإن الله في العلو، وإن كنت تعني أنه محصور بمكان، فالله عز وجل غير محصور سبحانه وتعالى، وحينئذ يستطيع الإنسان أن يثبت المعنى الصحيح وينفي المعنى الباطل.

<<  <  ج: ص:  >  >>