للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القرآن والسنة مصدر تلقي العقيدة عند أهل السنة والجماعة]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله؛ بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين.

أما بعد: قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فإنه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلاً، وأحسن حديثاً من خلقه.

ثم رسله صادقون مصدقون، بخلاف الذين يقولون عليه ما لا يعلمون، ولهذا قال: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات:١٨٠ - ١٨٢]، فسبح نفسه عما وصفه به المخالفون للرسل، وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه من النقص والعيب، وهو سبحانه قد جمع فيما وصف وسمى به نفسه بين النفي والإثبات، فلا عدول لأهل السنة والجماعة عما جاء به المرسلون؛ فإنه الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين].

شرع المصنف رحمه الله تعالى في بيان المصدر الذي تؤخذ منه العقائد، فقال: (فإنه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلاً، وأحسن حديثاً من خلقه).

وهذا هو المصدر الأول وهو القرآن الكريم، ثم قال: (ثم رسله صادقون مصدقون، بخلاف الذين يقولون عليه ما لا يعلمون).

وهذا هو المصدر الثاني، وهو كلام النبي صلى الله عليه وسلم، فالمصدر إذاً في العقائد يكون بالقرآن والسنة، ويكون بما دل عليه القرآن أنه مصدر مثل الإجماع؛ فإن الإجماع مصدر من مصادر التشريع لدلالة القرآن الكريم عليه، {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء:١١٥]، فقوله: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء:١١٥] المقصود به الإجماع، وكل الآيات الواردة في الأمر بالجماعة والائتلاف، والنهي عن التفرق والاختلاف يؤخذ منها حجية الإجماع، والإجماع حجة معتبرة، وحجيته مأخوذة من القرآن الكريم.

إذاً: القرآن الكريم والسنة النبوية هما المصدران الأساسيان في تلقي العقائد، ولا يصح أن تتلقى العقائد من غير القرآن والسنة، وذلك أن العقائد تشتمل على جزء كبير من الغيبيات، والغيب محجوب عنا لا نستطيع أن نعرفه بالقياس، ولا بأي مصدر من المصادر إلا بخبر الصادق، وخبر الصادق المراد به هنا هو كلامه سبحانه وتعالى، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم؛ فمن اتخذ مصدراً للعقائد غير هذين المصدرين فقد ضل وانحرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>