للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر مجمل الأقوال في صفة الكلام]

الحمد لله رب العالمين, والعاقبة للمتقين, ولا عدوان إلا على الظالمين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين, وأشهد أن نبينا محمداً إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين.

أما بعد: في الدرس الماضي تحدثنا عن صفة الكلام لله عز وجل, وبينا قول أهل السنة, وأن الله عز وجل يتكلم بصوت وحرف, وبينا الدليل على صفة الكلام, وبينا الدليل على أن الله سبحانه وتعالى يتكلم بحرف وأنه يتكلم بصوت, وقلنا: إن معنى الكلام في لغة العرب وعند أهل السنة: هو المعنى والصوت والحرف جميعاً فهو مجموع المعنى واللفظ، وأما الأشاعرة فإنهم يعتبرون الكلام هو: المعنى فقط.

وأما المعتزلة فإنهم يعتبرون الكلام هو: اللفظ فقط.

وبناء على هذا الاختلاف في معنى الكلام اختلفوا في تحديد كلام الله عز وجل، فالأشاعرة قالوا: إن الكلام هو: معنى قائم بالنفس قديم أزلي ليس بصوت ولا حرف.

والمعتزلة قالوا: إن الكلام ليس صفة ثبوتية لله عز وجل, وإنما هو خلق الله عز وجل، والله يخلق كلاماً في الهواء أو في الشجر أو في نحو ذلك فيسمى كلاماً، ويكون إضافة الكلام إلى الله عز وجل بهذا الاعتبار عند المعتزلة إضافة تشريف كقولهم: بيت الله، وناقة الله، ونحو ذلك.

وأما أهل السنة فإنهم قالوا: إن صفة الكلام صفة قائمة بالله عز وجل ثابتة له معنى ولفظاً.

فهو سبحانه وتعالى يتكلم بصوت، وله صوت يليق بجلاله، ويتكلم بحرف، وهذه الحروف الموجودة في القرآن هي كلام الله عز وجل، وأما قراءة الإنسان نفسه للقرآن فمخلوقة؛ لأنه هو مخلوق، ولكن القرآن الموجود هو من كلام الله؛ لأن الكلام ينسب إلى من قاله أولاً، فأنت مثلاً تقرأ كلاماً لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وتقول: قال شيخ الإسلام وتقول: هذا كلام شيخ الإسلام.

مع أن الذي يتكلم به في اللحظة نفسها هو أنت؛ لأن الكلام ينسب إلى قائله أولاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>