للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حديث صفة العجب]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله: (عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غيره، ينظر إليكم أزلين قنطين فيظل يضحك، يعلم أن فرجكم قريب) حديث حسن].

وهذا الحديث في إثبات صفة العجب لله عز وجل.

والصفات السابقة: صفة النزول، وصفة الفرح، وصفة الضحك وردت في السنة ولم تأت في القرآن, إلا أن صفة النزول تدل عليها صفة المجيء والإتيان في القرآن؛ لأن الله عز وجل يجيء ويأتي يوم القيامة للناس وهم في المحشر، والمحشر يكون في الأرض ويكون موطنهم بلاد الشام, فهي تدل على صفة النزول، ولكن لفظ النزول لم يأت في القرآن.

وأما صفة الفرح فلم ترد إلا في السنة، وصفة الضحك كذلك لم ترد إلا في السنة, وأما صفة العجب فقد وردت في القرآن في آيتين, الآية الأولى: هي قول الله عز وجل: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [الصافات:١٢]، قرأها حمزة والكسائي وقراء الكوفة: (بل عجبتُ) بالضم على أنها تاء المتكلم، (ويسخرون) وقرأها بقية القراء: (بل عجبتَ ويسخرون)، ولما تغيرت الحركة تغير المعنى في القراءتين، فعلى قراءة: (بل عجبتُ) على أنها تاء المتكلم يكون العجب صفة لله عز وجل، وقراءة: (بل عجبتَ) على أنها تاء المخاطب تكون صفة العجب للرسول صلى الله عليه وسلم، وكلاهما قراءتان ثابتتان ومعنيان صحيحان ثابتان, وأيضاً يدل على ذلك قول الله عز وجل: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [الرعد:٥].

فقوله: ((وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ))، فسرها قتادة كما روى ابن جرير الطبري في تفسيره، بأن قال: ((وَإِنْ تَعْجَبْ)) يعني: أنت يا محمد! ((فَعَجَبٌ) يعني: فعجب الرحمن من قولهم.

وأيضاً هذا الحديث الذي هو قوله: (عجب ربنا من قنوط عباده، وقرب غيره) وهو قطعة من حديث طويل لـ أبي رزين، والحديث الطويل.

وقد اختلف العلماء في صحته فقد رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن أبي عاصم في السنة، وضعفه الشيخ ناصر الألباني رحمه الله تعالى.

وثبت في صحيح البخاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل)، يعني: يجرون إلى الجنة جراً، وهذا ثابت في الصحيح.

فصفة العجب ثابتة لله بالقرآن وبالسنة، ولأن المصنف لم يورد إلا هذا الحديث؛ أشكل هذا عند بعض الناس في صفة العجب، والصحيح: أنها ثابتة لله سبحانه وتعالى بالقرآن وبصحيح السنة، حتى لو لم يثبت حديث أبي رزين المشهور، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يحسن هذا الحديث، فإنه قال عنه: حديث حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>