للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أدلة شمول الإيمان لقول اللسان]

ثانياً: قول اللسان: والدليل على أن قول اللسان من الإيمان: قول الله عز وجل: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا} [البقرة:١٣٧]، ما هو الذي آمنتم به؟ القول، فالله عز وجل أمرهم أن يقولوا: (آمنا)، ولو قالوا: (آمنا) فإن النتيجة هي: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا} [البقرة:١٣٧]، وهذا دليل على أن القول من الإيمان.

ومما يدل على ذلك أيضاً: قول الله عز وجل: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} [غافر:٨٤ - ٨٥]، وما هو الإيمان الذي آمنوا به؟ قولهم: آمنا، فقال: ((فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ) فسمى قولهم: ((آمَنَّا بِاللَّهِ)): إيماناً.

ومما يدل على ذلك: حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين: (الإيمان بضع وسبعون شعبة: أعلاها قول لا إله إلا الله -هذا هو محل الشاهد- وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان).

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا) أمر الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم بمقاتلة الناس: (حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله) والشهادة: تتضمن الإخبار، والإخبار لا يكون إلا باللسان.

ومما يدل على أن قول اللسان من الإيمان: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من قال: لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه دخل الجنة) رواه ابن مندة.

وأيضاً في الحديث الآخر: (من قال: لا إله إلا الله مستيقناً بها غير شاك دخل الجنة).

وفي الحديث الآخر بدل (مستيقناً) قال: (صدقاً)، وهذا يدل على أن قول لا إله إلا الله من الإيمان.

إذاً: لو أن إنساناً ترك قول اللسان هل يكون كافراً؟ نقول: قول اللسان منه ما يكون تركه لا شيء فيه، مثل: أذكار النوم والاستيقاظ منه، هذه ليست واجبة، فلو تركها فلا شيء عليه، ومن القول ما يكون تركه إثماً، لكنه لا يصل إلى الكفر، مثل: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو مستطيع له، ومن القول: ما يكون تركه كفراً مخرجاً عن الإسلام، وهو الشهادتان؛ فمن لم ينطق بهما لا يكون مسلماً، والدليل على ذلك: الأحاديث السابقة، ومنها قوله: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله)، وهذا يدل على أن الشهادة باللسان ركن أساسي في الإيمان، يزول الإيمان بزواله.

والدليل الثاني: ما رواه البخاري عن المسيب بن حزن -وهو أبو سعيد بن المسيب -: أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى عمه أبي طالب فقال له: (يا عم! قل: لا إله إلا الله.

كلمة أحاج لك بها عند الله)، فمات ولم يقلها، فأصبح مخلداً في النار، مع أنه مصدق بقلبه أن دين محمد من خير أديان البرية ديناً، كما قال ذلك في قصيدته.

فلابد إذاً: من النطق بلا إله إلا الله محمد رسول الله، حتى يكون مسلماً.

وهل النطق يكفي؟ نقول: لا، لابد أن تضاف إليه الأركان الأخرى، هذا أولاً.

ثانياً: لابد أن يكون هذا النطق لإنشاء الالتزام بالدين، ومعنى إنشاء الالتزام بالدين: أن يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وهو مصدق بدين الإسلام، ويريد أن يعمل به، لكن لنفترض أنه قال لا إله إلا الله محمد رسول الله، قولاً مجرداً بلا عمل أو اعتقاد، هل ينفعه ذلك؟ لا، لابد أن يقولها وهو يريد الالتزام بدين الله سبحانه وتعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>