للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفرق بين الكرامة والسحر والشعوذة]

وهناك مسألة أخرى يبحثها أهل العلم وهي: ما هو الفرق بين كرامة الولي وشعوذة الساحر والكاهن، فإن الساحر يعمل أعمالاً في ظاهرها خرق للعادة، والكاهن يدعي علوماً في ظاهرها خرق للعادة، فما هو الفرق بين كرامة الولي وبين سحر الساحر وكهانة الكاهن؟ الفرق بينهما: أولاً: هو أن الكرامة ليست علماً يتعلم مثل السحر والكهانة.

وثانياً: أحوال الأولياء تختلف عن أحوال السحرة والكهنة، فإن أحوال الأولياء هي الصدق والعمل الصالح والبر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله والإيمان الحق لله سبحانه وتعالى وما إلى ذلك من الأعمال الفاضلة الصالحة الكثيرة التي تدل على صلاح صاحبها، بينما الساحر معروف أنه كذاب وأنه أثيم وأنه دجال وأنه يكذب على الناس وأنه يتعامل بوسائل منحرفة إذاً حالة الساحر تختلف عن حالة الولي، فما يحصل عند الساحر من خوارق العادات يدل حاله على أنه ساحر، وأما الولي فإنه صادق، آمر بالمعروف وناه عن المنكر، تقي ويصلي لله عز وجل دائماً، مؤمن وصاحب عقيدة صحيحة، وإذا حصل لصاحب هذه الأعمال شيء خارق للعادة فإنه يكون كرامة ولا يصح أن يقال عنها سحراً.

والكرامة ليست أمراً يطلب، وإنما هي هبة من الله عز وجل، ولا تدل على أفضلية من أجراها الله عز وجل على يده، كما قال ابن تيمية رحمه الله: إن الكرامات في جيل التابعين ومن بعد جيل التابعين أكثر من جيل الصحابة؛ لأن الكرامة - في بعض الأحيان - يكون من مقاصدها تثبيت صاحبها، ومن هنا فإن الصحابة رضوان الله عليهم كان تعلقهم بالوحي ونظرهم إليه كافياً في تثبيتهم على الإيمان، بينما احتاج من جاء بعدهم إلى الكرامة، ومع هذا لا يقال: إن التابعين أفضل من الصحابة، فليس كل من يحصل منه كرامة يدل على أنه أفضل ممن لم يحصل منه الكرامة إذا اجتمعوا في الولاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>