للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفرق بين علم الله قبل وقوع الشيء وبعد وقوعه]

السؤال

ما الفرق بين علم الله قبل وقوع الشيء وبعد وقوعه؟

الجواب

معناهما وموضوعهما واحد، ولكن العلم بالشيء قبل وقوعه يعني أنه يعلمه وهو معدوم، وعلمه بالشيء بعد وقوعه يعني أنه يعلمه وهو موجود، وهناك فرق بين المعدوم والموجود، وبالتالي يكون هناك فرق بين علمه بالشيء وهو معدوم وبين علمه بالشيء وهو موجود، هذا هو الفرق.

أما الغيب والشهادة فهما مصطلح شرعي يراد به الغيب عن العباد، ويقسمونه إلى غيب مطلق وغيب نسبي، فالغيب الشرعي بالنسبة لله عز وجل شهادة، فلا يصح استخدام مثل هذا المصطلح، لكن يقال: علمه بالشيء قبل وقوعه وعلمه بالشيء بعد وقوعه.

وسبق ذكر الأدلة من كتاب الرد على المنطقيين.

وبعض الأحيان لا يكون هناك ثواب وعقاب متعلق بأفعال العباد، مثلاً: زلزال سيحصل لأمة من الأمم، قبل الزلزال يعلم الله عز وجل أنه سيحصل، وبعد أن يحصل يعلم أنه حصل.

هذا هو الفرق.

والحاجة التي دعت للكلام في هذا الموضوع هو ورود بعض الآيات التي استدل بها الفلاسفة استدلالاً باطلاً ووجهها الأشاعرة توجيهاً باطلاً، فاحتجنا للحديث عنها فقط، وإلا فإن المسألة واضحة أن علم الله عز وجل شامل للشيء قبل وقوعه وبعد وقوعه، لكن احتجنا لهذا التمييز وهذا التفريق لوجود منحرفين فيه، وإلا فمن المعلوم عندنا جميعاً أن علم الله شامل للأشياء قبل أن توجد وبعد أن توجد، والأشياء التي لم توجد لو جدت كيف يكون حالها، مثل قول الله عز وجل: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا} [الأنعام:٢٨]، لن يردوا أصلاً، لكن لو ردوا لعادوا، فالمفترض يعلمه الله عز وجل.

ونحن أشرنا لهذه المسألة لوجود من وجَّه هذه المسائل توجيهاً باطلاً، مثل الأشاعرة الذين يقولون: إن علم الله عز وجل واحد قديم ليس له تعلق بالمخلوقات، وإن كانت المخلوقات تتغير في ذاتها، فالتغير يكون في المخلوقات ولا تعلق لها بعلم الله عز وجل، وأصله ناشئ عن شبهة عقلية انحرفوا بها في أكثر من صفة وليس في مجرد صفة علم الله عز وجل، فهم انحرفوا في جميع الصفات الفعلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>