للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الطاعة وأقسامها]

الالتزام بالطاعة المطلقة للأمر والنهي عبادة يجب أن تصرف لله سبحانه وتعالى، فمن صرفها لغير الله عز وجل فقد وقع في الشرك.

والطاعة نوعان: طاعة الله عز وجل ورسوله، وطاعة غير الله.

فأما طاعة الله عز وجل ورسوله فهي من التوحيد الخالص.

وأما طاعة غير الله عز وجل فتنقسم إلى قسمين: القسم الأول: طاعته في طاعة الله عز وجل.

والقسم الثاني: طاعته في غير طاعة الله.

فأما إذا أطاعه في طاعة الله عز وجل فهذا لا إشكال فيه، مثل: طاعة العلماء، والصالحين، وولاة الأمر إذا أمروا بما فيه مرضاة الله عز وجل، ومنها طاعة الوالدين في طاعة الله عز وجل، فهذا لا إشكال فيه؛ لأن الأصل هو طاعة الله سبحانه وتعالى.

وأما طاعة غير الله عز وجل في معصية فهي نوعان: النوع الأول: أن تكون هذه الطاعة مبنية على أساس اعتقاد حل الحرام، وتحريم الحلال، أي: يطيع غير الله عز وجل وهو يعتقد أنه يملك أن يحلل ويحرم، ويملك التشريع، فهذا شرك أكبر مخرج عن دائرة الإسلام، وهذا هو معنى اتخاذ اليهود لأحبارهم والنصارى لرهبانهم أرباباً من دون الله، كما جاء في حديث عدي بن حاتم، بمعنى أنهم يحلون لهم الحرام فيتبعونهم، ويحرمون عليهم الحلال فيتبعونهم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (فتلك عبادتهم).

النوع الثاني: أن تكون هذه الطاعة مبنية على أساس أن الحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه الله سبحانه وتعالى، لكن يطيعه لشهوة ورغبة، ويطيعه لدنيا، مع أنه يعتقد أن أصل تحليل الحلال وتحريم الحرام بيد الله لا بيد الخلق، وإنما أطاع هذا الإنسان في معصية الله عز وجل من أجل شهوة من الشهوات الدنيوية، فهذا النوع لا يصل إلى درجة الشرك الأكبر، وإنما هو من الشرك الأصغر، فإذا أمر عالم من العلماء بأمر فيه معصية لله عز وجل -كما لو أمر عالم من العلماء بأكل الربا مثلاً- فإن الذي يطيعه في ذلك ويعتقد أنه يحل الحرام يقع في الشر الأكبر، وإذا كان يعتقد أن المحلل والمحرم هو الله عز وجل، وعقيدته في تحريم الربا ثابتة، ولكن استغل هذه الفرصة ليكثر أمواله، حتى إذا سأله أحد احتج بفتوى هذا العالم أو غيره، كان هذا من الشرك، ولكن لا يصل إلى درجة الشرك الأكبر، وإنما هو من الأصغر.

<<  <  ج: ص:  >  >>