للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما جاء في الاستشفاع بالله على خلقه وخطره على توحيد الربوبية]

قال المؤلف رحمه الله: [باب: لا يستشفع بالله على خلقه.

عن جبير بن مطعم قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللهً! نُهكت الأنفس، وجاع العيال، وهلكت الأموال، فاستسق لنا ربك فإنا نستشفع بالله عليك، وبك على الله.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (سبحان الله، سبحان الله!) فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ويحك! أتدري ما الله؟! إن شأن الله أعظم من ذلك، إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه).

وذكر الحديث، رواه أبو داود.

] هذا الباب متعلق بمسألة عدم تعظيم الله سبحانه وتعالى، فإن هذا الرجل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إنا نستشفع بالله عليك، يعني: نتوسط بالله عندك، فالشفاعة: هي الوساطة، يعني: ندعو الله عز وجل بأن يتوسط عندك فتدعو الله عز وجل، وهذا عدم تعظيم لله عز وجل، فإن الله عز وجل لا يستشفع به على أحد من خلقه، بل هو -سبحانه وتعالى- مالك الشفاعة، وهو معطيها سبحانه وتعالى، وهذا اللفظ يدل على عدم تعظيم الله عز وجل، وهو منافٍ لتوحيد الربوبية من جهة أنه عدم تعظيم لله سبحانه وتعالى.

وهذا ليس من الشرك الأكبر، بل هو من الشرك الأصغر؛ لأنه يتعلق باللسان، وغالب الناس لا يقصد حقيقة أن الله عز وجل أقل شأناً من النبي صلى الله عليه وسلم، فقد يكون معنى اللفظ خطير، لكن قد لا يكون صاحب هذا اللفظ يقصد ذلك المعنى، ولهذا لم يرتب النبي صلى الله عليه وسلم أحكام الردة عليه، ولم يستتبه النبي صلى الله عليه وسلم.

أما الإقسام على الله عز وجل السابق فهو بحسبه، فإن كان تألى على الله عز وجل -بمعنى أنه قال: والله لا يغفر الله لفلان- من جهة أنه رأى أن هذا العبد مفرّطاً فالحبوط الموجود في العمل هو حبوط جزئي، وإن كان المقصود أنه إلزام لله عز وجل بأن الله لا يغفر لهذا الشخص؛ فهذا لا شك في أن الحبوط المقصود به حبوط كلي، ويكون ناقلاً عن الملة، فالإقسام على الله عز وجل ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: أن يتألى شخص على الله عز وجل تألياً مطلقاً تاماً، فهذا من الشرك الأكبر.

والثاني: أن يرى أن هذا الشخص صاحب معصية، فيرى أنه من أهل النار، وهذا يكون الحبوط فيه حبوطاً جزئياً، والشرك فيه شركاً أصغر.

<<  <  ج: ص:  >  >>