للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرد على شبهة جاه الصالحين عند الله تعالى]

أما الجواب المفصل فإنه بحسب تفصيل الشبهات، والشبهة الأولى التي ذكرها تتعلق بمفهوم التوحيد، وهي أنهم يقولون: نحن على التوحيد، ولا نرضى بالشرك، ونحن نؤمن بأن الله هو الخالق، الرازق، المحيي، المميت، ولكن هؤلاء الصالحين لهم جاه عند الله عز وجل، ونحن نريد أن نصل إلى الله عن طريقهم.

والخلل في هذه الشبهة هو في فهم التوحيد، فهؤلاء الأشخاص لم يفهموا التوحيد؛ إذ ظنوا أنه يكفي الإنسان أن يؤمن بأن الله هو الخالق، الرازق، المحيي، المميت، فإذا آمن بذلك حصل له حقيقة التوحيد، وانتفى عنه الشرك، وتصبح بقية أعماله صحيحة.

فنقول لهم: لقد فهمتم خطأ، فهذا جزء من التوحيد لا يكفي في الإيمان، فقد كان المشركون على ما أنتم عليه، إذ كانوا يقولون بأن الله هو الخالق، الرازق، المحيي، المميت، وعندنا آيات كثيرة تدل على ذلك، منها قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان:٢٥]، وكانوا لا يريدون من أصنامهم إلا أن تقربهم إلى الله زلفى، أي: قربة، كما قال الله عز وجل: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر:٣]، وعليه فإنكم وقعتم في نفس الشرك الذي وقع فيه الكفار السابقون.

فهذه الشبهة عندهم الجواب عنها هو أن نردهم إلى أصل محكم عندنا، وهو أن أهل الشرك كانوا يوحدون الله بتوحيد الربوبية، فما نفعهم ذلك؛ لأن توحيد الربوبية -مع أنه جزء من التوحيد- لا يكفي وحده، بل لا بد من أن يضاف إلى ذلك إفراد الله بالعبادة، فإذا لم يضف إلى ذلك فإن الإنسان يبقى على الشرك إذا أشرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>