للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرد على شبهة عصمة الدم والمال بنطق كلمة التوحيد]

الشبهة الثامنة: هي شبهة المرجئة المشهورة، وهي أن من قال: لا إله إلا الله فإنه يعصم دمه وماله ولا يقتل ولا يكفر، واستدلوا على ذلك بحديث إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على أسامة بن زيد عندما قتل الرجل الذي قال: لا إله إلا الله، والحديث هو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ أسامة: (أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟!)، وذلك أن أسامة بن زيد تصارع مع رجل من المشركين في إحدى السرايا، فهرب المشرك من أسامة فطلبه أسامة، فلما علاه بالسيف قال: (لا إله إلا الله) فقتله، فلما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعلم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قال: (أقتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله؟!) فقال: يا رسول الله! إنما قالها تعوذاً، يعني: قالها خوفاً من السيف، فقال: (أشققت عن قلبه؟).

ونحن نعامل الناس بالظاهر، فمن قال: لا إله إلا الله، فإنا نكف عنه القتل ثم نطالبه بالعمل، فإذا عمل بأحكام الإسلام صار من المسلمين، لكن لو قال: (لا إله إلا الله) ثم اشتغل بالكفر كأن -سجد لغير الله، أو مزق المصحف، أو نقض لا إله إلا الله بأي ناقض من النواقض- فإنه يكفر، فقول (لا إله إلا الله) يكفي في مسألة عصمة دم ونفس من قالها ابتداء، ثم ينظر في حاله، فإن أسلم واستمر على الإسلام وحسن إسلامه فهذا هو المسلم، وأما إذا لم يستمر على إسلامه، وارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام فإننا نستتيبه؛ فإن تاب وإلا قتل وهو غير مسلم.

فهذه شبهة ليست في مكانها، ولهذا أجمع الفقهاء على أنه الفقهاء لو أن إنساناً قال: (لا إله إلا الله) وجحد الصلاة فإنه يكفر، أو قال: (لا إله إلا الله) وجحد الصيام فإنه يكفر، ولو قال: (لا إله إلا الله) وجحد العبادة يكفر، ولو قال: لا إله إلا الله وجحد أي أمر من الأمور الشرعية فإنه يكفر بإجماع الفقهاء، ويقتل مرتداً، ولهذا فإن الفقهاء عندهم باب من أبواب الجنايات يسمى (باب حكم المرتد)، ويقولون فيه: إن الذي يرتد عن الدين يقتل ردة.

<<  <  ج: ص:  >  >>