للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قواعد عامة في دراسة شرك الألفاظ]

وهناك مجموعة من القواعد سأشير إليها في محور شرك الألفاظ: القاعدة الأولى: تعتبر عامة شرك الألفاظ من الشرك الأصغر؛ لأنه ليس فيه عبادة تصرف لغير الله عز وجل، إلا الدعاء والاستغاثة وما يتبع ذلك من العبادات.

أما الشرك الذي ستأتي الإشارة إليه، مثل قوله: لولا الله وفلان، وما شاء الله وشئت، ومثل التعبيد بغير الله، كعبد الكعبة وعبد الحسين ونحو ذلك، فكل ذلك لا يصل إلى الشرك الأكبر؛ إذ ليس في ذلك عبادة تصرف لغير الله عز وجل، فهي من جنس الشرك الأصغر، إلا الدعاء بضوابطه التي سبق أن أشرنا إليها، وكذلك الاستغاثة والاستعانة والاستعاذة، فهذه كلها جنس واحد تدخل في عموم الدعاء، فتكون شركاً أكبر بالضوابط التي سبق أن أشرنا إليها.

القاعدة الثانية: أن شرك الألفاظ أنواع، وقد حاولت أن أحصر الأنواع الموجودة في كتاب التوحيد في أربعة أنواع.

النوع الأول: الحلف بغير الله، والنوع الثاني: التشريك بين الله وخلقه، والنوع الثالث: إضافة الأشياء إلى غير الله، والنوع الرابع: عدم تعظيم الله سبحانه وتعالى، فهذه الأنواع الأربعة تجتمع حولها جميع الألفاظ التي ذكرها الشيخ في كتاب التوحيد من الألفاظ الشركية، ولهذا سيأتي معنا عند الحديث التفصيلي أمثلة، وسنرد كل مثالٍ من هذه الأمثلة إلى واحد من هذه الأنواع الأربعة، فإما أن يكون حلفاً بغير الله، وإما أن يكون تشريكاً في اللفظ بين الله وبين خلقه، سواءٌ أكان بالواو أم بالتعبيد أم بغيرهما كما سيأتي معنا، وإما أن يكون إضافة أسباب وأشياء إلى غير الله سبحانه وتعالى، وإما أن يكون عدم تعظيمٍ لله سبحانه وتعالى، وعدم معرفة لقدره ومكانته سبحانه وتعالى.

القاعدة الثالثة: أن الألفاظ الشركية التي ذكرها الشيخ تنقسم إلى قسمين: قسم يمكن اعتباره شركاً بدون النظر إلى قصد قائله، مثل الحلف بغير الله، والاستهزاء بكلام الله أو بكلام رسوله صلى الله عليه وسلم أو نحو هذا.

وقسم يفتقر إلى معرفة قصد صاحبه، مثل إضافة بعض الأشياء إلى غير الله عز وجل بـ (لولا) أو (لو) أو نحو ذلك، فهذه يُحتاج إلى أن نعرف ما يقصد صاحبها، فهل يقصد تعظيم السبب أم لا؟ وستأتي الإشارة إلى ذلك عند الكلام المفصل.

القاعدة الرابعة: أن الألفاظ الشركية التي ذكرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تدخل في الشرك إذا قالها على سبيل التعظيم، أما من تعود على قولها من غير قصد التعظيم فإن بعضها يكون من جنس يمين اللغو، وهو منهي عنه، ويجب أن ينهى عنه.

ويمكن أن نختم هذه القواعد بالإشارة إلى أهمية معرفة أن قول اللسان منه ما يكون كفراً أصغر، ومنه ما يكون كفراً أكبر، كما أن أعمال الجوارح منها ما يكون كفراً أكبر، ومنها ما يكون كفراً أصغر، وكذلك أعمال القلوب منها ما يكون كفراً أكبر، ومنها ما يكون كفراً أصغر بحسب نوع القول أو الفعل أو الإرادة الشركية أو الكفرية، ولكن القاعدة الأولى أردت بها الألفاظ الشركية التي ذكرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في هذا الكتاب كما سيأتي تفصيله بإذن الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>