للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[توجيه الجيوش في قتالها في سبيل الله]

عليك أن تلحظ في الحديث صفة تأمير النبي صلى الله عليه وسلم لسرايا الجهاد، ثم قارن ذلك بالواقع الذي نعيشه فـ بريدة يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمَّر أميراً على جيشٍ أو سريةٍ أوصاه بتقوى الله، وأول فائدة نستفيدها هي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عندما يؤمِّر رجلاً على جيش يحرك الجيش للجهاد في سبيل الله، فالجيش ينبغي إذا وجه أن يوجه في سبيل الله سبحانه وتعالى، فلا يصح للإنسان أن يقاتل لعصبية، ولا أن يقاتل لقومية، ولا أن يقاتل للدفاع عن ملك فلان وفلان، وإنما يقاتل في سبيل الله بالطريقة المشروعة، وقد يكون الجهاد في سبيل الله أحياناً غزواً للعدو، وفي بعض الأحيان يكون رداً لصائل يصول على بلاد المسلمين، فيردونه وهذا في سبيل الله.

فهل يجوز لإخواننا العراقيين أن يطيعوا صدام حسين في دخولهم إلى الكويت؟ والجواب أنه لا يجوز ذلك؛ لأنه ليس غزواً في سبيل الله وليس جهاداً في سبيل الله، وكيف لنا أن نقاتل المسلمين؟ وكان الواجب عليهم أن يقول بعضهم لبعض: يسأل كيف ندخل بلداً أهله من المسلمين، والذين نقتلهم من المسلمين، والذين نشردهم من المسلمين، فهل هذا جهاد؟ وكذلك عندما تثور أي نعرة جاهلية بين بلدين من البلدان الإسلامية فإنه لا يجوز للمسلم أن يدخل في القتال؛ لأن الراية جاهلية؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية) فمن قاتل تحت راية عمية مجهولة الهدف فقتاله جاهلية، فكيف إذا كان الهدف قومية أو كان الهدف عصبية أو كان الهدف هو الدفاع عن مكتسبات شخصية ليس لها أي ارتباط بالأمور الشرعية من قريب ولا من بعيد، فلا يجوز للمسلم أن يدخل في قتال من هذا النوع أبداً.

وعند حصول الفتن في كثير من الأحيان يغيب هذا الفقه عن أذهان كثير من الناس، فتجد الناس يقاتل بعضهم بعضاً، وهدف القتال ليس هدفاً واضحاً، وأحياناً يكون قتالاً لجنس معين أو عرق معين أو جهة معينة، وهذا لا يجوز أبداً بأي حال من الأحوال، فأي جيش يتحرك للقتال لا بد له من أن يحدد هدفه وغايته، ويعلم كون الهدف شرعياً أم غير شرعي.

ثم انظر إلى وصية النبي صلى الله عليه وسلم، فهو يوصيهم بتقوى الله، ولا يحركهم على الموسيقى، وإنما يوصيهم بتقوى الله سبحانه وتعالى ويذكرهم بالله سبحانه وتعالى؛ لأن الجهاد في سبيل الله من أعظم شعائر الدين، فيوصي الأمير بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً ثم يقول: (اغزوا بسم الله في سبيل الله) وهذا هو الهدف، وليس الجهاد في سبيل أي غرض من أغراض الدنيا، (قاتلوا من كفر بالله) وهذا يدل على أهمية قتال من كفر بالله، (اغزوا ولا تغلوا) يعني: لا يأخذ أحدكم شيئاً من الغنيمة قبل أن تقسم، وهذا معنى الغلول.

(ولا تغدروا) يعني: لا تغدروا أحداً، ولو كان كافراً عدواً، فإن قيل: كيف نجمع بين هذا وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الحرب خدعة)؟ قلنا: نعم الحرب خدعة، ولكن الغدر لا يجوز، فالخدعة هي أن تفاجئ عدوك وتأتيه من حيث لا يشعر ولا ينتبه، أما الغدر فهو أن تصالحه وتتفق معه على مواثيق معينة ثم تنقض هذه المواثيق، فهناك فرق بين الخدعة والغدر.

(ولا تمثلوا) يعني: لا تمثلوا بعدوكم، فلا تجدعوا أنوفهم، ولا تقطعوا آذانهم، ولا تعملوا بهم مثلة.

(ولا تقتلوا وليداً) يعني: لا تقتلوا طفلاً صغيراً ليس من أهل القتال.

ومسألة النساء والأطفال مسألة فقهية من مسائل الجهاد، والحقيقة أن كثيراً من الناس يعمم فيها، مع أن فيها تفصيلاً فقهياً مشهوراً.

فكثير من الناس يقول: الأطفال والنساء لا يقتلون، وهذا خطأ، وإنما هو بحسب الحال الذي نص عليه النبي صلى الله عليه وسلم في عدم جواز قتل النساء والأطفال، أي: قصدهم بالقتل، فلوا أن جيشاً وجد طفلاً فقتله قائلاً: هذا يكبر ويكون عدواً لنا؛ فإن هذا لا يجوز، أو مر على امرأةٍ ليست من أهل القتال فقتلها، أو مر على شيخٍ كبيرٍ ليس من أهل القتال فقتله، فهذا لا يجوز.

فقصد الأطفال وقصد النساء وقصد الشيوخ الكبار بالقتل هو المنهي عنه شرعاً.

أما إذا كانت المرأة تقاتل فإنها تقتل، كما هو عند الغربيين الآن، حيث يوظفون النساء في القتال، وكثير من النساء يقدن الطائرة الحربية، فهل معنى هذا أن نتورع عن قتل هذه المرأة لأنها امرأة؟! ليس هذا صحيحاً.

وكثير منهن قد تدخل لتعمل على الكمبيوتر في إطلاق الصواريخ أو في أي أمر من الأمور، فهذه لا بد من أن تقتل، وهي من الجيش، فلا يصح أن يقول أحد: إن مثل هذه لا تقتل.

وأحياناً يكون العدو شيخاً كبيراً لا يستطيع حمل السلاح بيده، ولكنه صاحب فكر وتدبير يخطط لهم ويقول: ائتوا هؤلاء من هذه الزاوية واتركوهم من هنا، فإذا جئتموهم من هنا فإنكم تستطيعون قتلهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم أجاز قتل دريد بن الصمة مع أنه لا يستطيع أن يقف على رجليه ويمشي، ف

<<  <  ج: ص:  >  >>