للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العذر بالجهل في التوحيد]

السؤال

هل هناك عذر بالجهل في التوحيد؛ إذ إن علماء الصوفية يُسمع لهم في كثير من بلاد المسلمين، ويطاعون في الغالب، وتشرف على الموالد وزارات الأوقاف؟

الجواب

الأصل هو أن التوحيد لا يعذر أحد بجهله، ولكن قد يفعل بعض المسلمين نوعاً من الشرك وهو لا يعلم بأنه يقدح في التوحيد، وبناءً على هذا فلا بد من إقامة الحجة عليه، ويعذر بجهله في هذه الحالة، فينبغي أن نفرق بين أمرين في مسألة الإعذار بالجهل.

الأمر الأول: أن اعتقاد التوحيد والالتزام به والحذر من الشرك أمر واجبٌ ولازم ولا يعذر أحدٌ بجهله.

الأمر الثاني: أن الذي يعذر بالجهل به هو بعض الصور الشركية التي يظن بعض الناس أنها ليست من الشرك، ويظن بعض الناس أنها ليست عبادة لغير الله، فمثل هؤلاء لا بد من إقامة الحجة عليهم، وإن ارتكبوا كفراً وارتكبوا شركاً مخرجاً من الملة، ولكن لا يصح تكفيرهم إلا بعد إقامة الحجة عليهم.

وينبغي أن نفرق بين أمرين، كون الأمر كفراً أو شركاً في ذاته، وكون المعين كافراً أو مشركاً، فالمعين لا يصح تكفيره إلا بعد أن توجد فيه الشروط وتنتفي عنه الموانع، أما الأمر في نفسه فهو كفر نحذر الناس منه، ونحكم عليه بكونه كفراً، مثل الاستغاثة بغير الله، فقد يرتكبها شخص ويكفر، وقد يرتكبها شخص آخر ولا يكفر؛ لأن الذي ارتكبها وكفر وجدت فيه الشروط وانتفت عنه الموانع، كأن يكون في بلاد يتضح فيها هذا الأمر، أو ناظره العلماء ونصحوه وبينوا له الحق وعاند، أو نحو ذلك من الأمور التي تحصل للإنسان، وشخص آخر لا يكفر، إذ قد يكون في بادية بعيدة، أو يكون شخصاً ضعيف الإدراك، أو يكون مضلَّلاً من بعض العلماء الذين يدعون إلى هذا الأمر، مع أنه هو نفسه يعظم التوحيد ويعلم خطورة الشرك، ولكنه لا يعلم أن هذه الصورة المعينة توقعه في الشرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>