للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[دلائل معرفة الشرك الأصغر]

وهناك مجموعة من الدلائل التي يمكن أن نعرف بها الشرك الأصغر لنميزه، وليكون واضحاً لنا، ومن ذلك: الأمر الأول: التصريح بأن العمل شرك أصغر، مثل تصريح النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: (أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر: الرياء)، فهذا تصريح بأنه شرك أصغر، ويشبه هذا إرادة الإنسان بعمله الدنيا.

الأمر الثاني: عدم ترتب حد الردة عليه، فقد كان يحصل الشرك الأصغر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يرتب النبي صلى الله عليه وسلم عليه حد الردة، ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الرقى والتمائم والتولة شرك)، والتمائم لبسها بعض الصحابة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وأنكر عليهم ذلك، وأمر بأن تقطع الأوتار التي تعلق في رقاب الإبل، ولم يرتب أحكام الردة والكفر المخرج من الملة على أفعال هؤلاء وتصرفاتهم، فهذا يدل على أن هذا المشرك ليس شركاً مخرجاً عن الملة، بل هو شرك أصغر.

الأمر الثالث: أن يأتي لفظ الشرك منكراً، كقوله صلى الله عليه وسلم: (الرقى والتمائم والتولة شرك)، فلم يقل صلى الله عليه وسلم: إن الرقى هي الشرك؛ لأن الشرك عندما يكون معرفاً بـ (أل) فإنه يدل على أنه الشرك المعهود، وهو الأكبر، كقوله صلى الله عليه وسلم: (بين العبد وبين الشرك ترك الصلاة)، فهنا عرف الشرك بـ (أل)، فهذا يدل دلالةً صريحةً على أن الشرك المعني هنا هو الشرك الأكبر، بينما قال صلى الله عليه وسلم في الشرك الأصغر: (الرقى والتمائم والتولة شرك)، فجاءت كلمة (شرك) نكرة ليس فيها (أل)، وهذا يدل على أن ذلك شرك أصغر.

الأمر الرابع: فهم الصحابة للنصوص معتبر، فإذا فهم الصحابة من نص من النصوص الشرك فيه ليس مخرجاً من الملة؛ فهذا يدل على أنه شرك أصغر، وسيأتي بيانه -إن شاء الله- معنا في باب الطيرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الطيرة شرك)، قال بعض الصحابة: وما منا إلا ويقع في شيء من ذلك، ولكن يغلبه الإنسان بالتوكل.

فهذه مجموعة من القواعد والضوابط في موضوع الشرك الأصغر، أما أنواع الشرك الأصغر فهي كثيرة جداً وقد ذكر الشيخ الرقى الشركية وذكر التمائم وذكر التبرك وذكر الطيرة، وذكر الحلف بغير الله، ونحو ذلك من الأمور التي هي من الشرك الأصغر.

<<  <  ج: ص:  >  >>