للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرقى وأقسامها وأحكامها]

الرقى: هي التعاويذ والأدعية التي يقرؤها الإنسان على نفسه أو على غيره لدفع المرض أو لرفعه، مثل قراءة شيء من القرآن على مريض بالسحر أو العين، أو بأي نوع من أنواع المرض، وكذلك التعاويذ التي يأتي بها الإنسان ليبتعد عن الأمراض قبل وقوعها.

والرقية تنقسم إلى قسمين: رقية شرعية ورقية شركية.

فالرقية الشرعية: هي التي تكون بالقرآن الكريم وبأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وبالكلام الصحيح الواضح، فإذا كان هناك أدعية صحيحة واضحة مبينة ليس فيها تكلف، فإنها تعتبر من الرقى الشرعية، ولهذا ورد في حديث عوف بن مالك الأشجعي أنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً) وكان عند أهل الجاهلية رقىً يرقون بها، فلما سئل عنها النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً).

وكان عند اليهود والنصارى رقى في التوراة والإنجيل، وبعض هذه الرقى صحيح؛ ففي الموطأ بسند صحيح أن أبا بكر دخل على عائشة رضي الله عنها وعندها يهودية ترقيها فقال: (ارقيها بكتاب الله) يعني: بالتوراة.

قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري: وهذا يدل على أن الرقى والأدوية الموجودة في التوراة والإنجيل لم يلحقها التحريف؛ لأنها لو حرفت لفسدت، فهم يعرفون ذلك، فهم لم يحرفوا إلا العقائد والأحكام، أما هذه الرقى فلم يحرفوها، فالرقى ليست توقيفية، بل يمكن فيها الاجتهاد من حيث ألفاظ الرقية إذا كانت صحيحة من حيث المعاني، ولهذا يشترط أن تكون باللغة العربية الواضحة المبينة البينة، أما الرقى بالألفاظ الأعجمية والمجهولة والرموز والأحرف والأرقام ونحو ذلك مما يستعمله بعض الكهنة والمشعوذين والسحرة، فلا يجوز أبداً أن يرقي الإنسان بها أو أن يجعل غيره يرقيه بها.

وأما الرقى الشركية فتنقسم إلى قسمين: رقى شرك أكبر، ورقى شرك أصغر.

ورقى الشرك الأكبر نوعان: النوع الأول: الرقية التي تتضمن استغاثة بغير الله، أو دعوة لغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى، فهذا شرك أكبر، وسيأتي معنا موضوع خاص يتعلق بدعاء غير الله سبحانه وتعالى.

النوع الثاني: أن يعتمد الإنسان على الرقية اعتماداً تاماً من كل وجه، فهذا شرك أكبر في الربوبية.

أما من اعتقد أنها سبب من الأسباب فحكم ذلك بحسب نوع الرقية، فإن كانت رقية شرعية فلا شيء فيها، وإن كانت غير شرعية فإنه بحسب ما فيها من الكلام كما سبق أن بينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>