للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التمائم وأحكامها]

التمائم: جمع تميمة، والتميمة هي التعاليق التي تعلق، سواءٌ على الرقبة أو في اليد أو في القدم أو في أي مكان، وهذه التمائم من الشرك، وسيأتي معنا في حديث صريح وصفها بالشرك، وتكون من الشرك الأكبر إذا اعتمد الإنسان عليها اعتماداً تاماً، أما إذا اعتبر أنها سبب من الأسباب فذلك شرك أصغر؛ لأنه اعتبر شيئاً من الأشياء سبباً وهو ليس بسبب لا شرعاً ولا قدراً، فهذه الخيوط من التمائم ليست دواءً معروفاً عند الأطباء، وفي نفس الوقت ليست دواءً مشروعاً؛ إذ يشرعها الله عز وجل ولم يشرعها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي من الشرك الأصغر.

والفارق بين الشرك الأكبر والأصغر فيما يتعلق بالتمائم هو اعتماد القلب، فإذا اعتمد عليها اعتماداً تاماً شاملاً فهذا شرك أكبر، وإذا لم يعتمد عليها بل اعتبر أنها سبب وأن الشافي هو الله سبحانه وتعالى، فهذا شرك أصغر؛ لأنه جعل شيئاً من الأشياء من الأسباب وهو ليس من الأسباب شرعاً ولا قدراً.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب: من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه.

وقول الله تعالى: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [الزمر:٣٨].

وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً في يده حلقة من صفر، فقال: (ما هذا؟ قال: من الواهنة، فقال: انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنًا، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً)، رواه أحمد بسند لا بأس به.

وله عن عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعاً: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)].

ومن التمائم حجارة يأخذونها من البحر يعلقونها على رقابهم أو على رقاب دوابهم يتقون بها العين.

والحديث الأول -حديث عمران بن الحصين - فيه إشكال كبير عند العلماء في قوله: (فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً)، فإن ظاهر الحديث أنه كافر كفراً أكبر، ولكن يبدو -والله تعالى أعلم- أن هذا الحديث ليس صحيحاً، بل هو حديث ضعيف رواه الإمام أحمد وابن ماجة والحاكم، وفي إسناده فضالة بن المبارك، وهو ضعيف؛ لأنه مدلس قبيح التدليس، وقد عنعن.

أما الحديث الثاني -وهو قوله: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له) - ففي سنده ضعف أيضاً، وقد رواه الإمام أحمد وغيره، وإن كان بعض أهل العلم قد صححه، مثل المنذري والمناوي، وذكر الحافظ رحمه الله في: (تعجيل المنفعة) أن رجاله موثقون، فالحديث فيه خلاف من حيث صحته وضعفه، ولكن الرواية التي بعده رواية صحيحة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وفي رواية: (من تعلق تميمة فقد أشرك)].

وهذا يدل على أن التمائم من الشرك، وتكون شركاً أصغر أو شركاً أكبر بحسب ما يكون بقلب صاحبها، فإن اعتقد أن هذه التميمة تنفع وتضر من دون الله سبحانه وتعالى، أو مع الله فهذا شرك أكبر، وإن اعتبرها سبباً من الأسباب فهذا شرك أصغر.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولـ ابن أبي حاتم عن حذيفة أنه رأى رجلاً في يده خيط من الحمى، فقطعه وتلا قوله: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف:١٠٦]].

<<  <  ج: ص:  >  >>