للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله]

قال المؤلف رحمه الله: [باب: لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله.

وقوله تعالى: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا} [التوبة:١٠٨]].

قول الله تعالى: ((لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا)) هذا في قصة مسجد الضرار الذي بناه المنافقون، من أجل أن يضاهوا به مسجد قباء، فنهاه الله عز وجل أن يقوم فيه أبداً؛ لأن الموضع الذي يعبد فيه غير الله عز وجل أو لا يكون خالصاً لله عز وجل لا يصح الجلوس فيه والبقاء فيه، فالشاهد من هذه الآية للباب هو من جهة كون هذا المكان بني لغير الله سبحانه وتعالى، وليس فيه ما يتعلق بالذبح، فهو من باب الاستدلال بجهة عامة وليست جهة خاصة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: (نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا، قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم).

رواه أبو داود، وإسناده على شرطهما.

بوانة: موطن في الطريق للخارج من المدينة إلى تبوك، وهو موجود الآن بهذا الاسم.

وهذا الحديث يدل على المنع من عبادة الله عز وجل في المكان الذي يعبد فيه غير الله سبحانه وتعالى؛ لأن ذلك ذريعة لعبادة غير الله، ووسيلة وطريق يفضي إليها، وهذا الحديث يدل على باب عظيم، وهو باب سد الذرائع، فهذا الباب باب عظيم يجهله كثير من الناس، وفي نفس الوقت يستغربون من مواقف بعض الصالحين وبعض أهل العلم الذين يقفون من بعض التصرفات ومن بعض الأعمال موقفاً قوياً، فيتعجبون من هذا التصرف مع أن الشيء ليس حراماً في الظاهر، والسبب هو أن الشيء إذا كان وسيلةً وطريقةً إلى محرم فإنه لا يجوز أبداً بأي حال من الأحوال، فأي وسيلة من وسائل الاختلاط تكون محرمة، وأي وسيلة من وسائل عبادة غير الله عز وجل تكون محرمة، وأي وسيلة من وسائل الشر بأي وجه من الوجوه تكون محرمة، فالحديث مع النساء -مثلاً- فيما لا داعي إليه محرم؛ لأنه طريق سيوصل إلى الحرام، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحديث مع النساء، ويحمل نهيه على ما لا داعي إليه، أما إذا كان هناك داع فإنه يصح الحديث، كما حصل منه عليه الصلاة والسلام.

وهكذا أشياء كثيرة جداً لم تحرم لذاتها، وإنما لأنها طريق مفض إلى الحرام، وهذه القاعدة يجهلها كثير من الناس ولا يعرفها، ولهذا قد يتعجب من بعض آراء وأفكار ومناهج بعض المصلحين وبعض الدعاة في بعض التصرفات والأقوال والأعمال.

<<  <  ج: ص:  >  >>