للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر ما جاء في السحر]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في السحر.

وقول الله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} [البقرة:١٠٢]].

هذه الآية سياقها في اليهود، واليهود كانوا من أكبر المشهورين بالسحر في الزمن القديم، ولهذا نشروا السحر نشراً كبيراً عندما كانوا في بابل، وهم يعتبرون من أقطاب السحرة في القديم، وما زالوا كذلك في الحديث.

فقوله تعالى: ((وَلَقَدْ عَلِمُوا)) يعني اليهود {لَمَنِ اشْتَرَاهُ} [البقرة:١٠٢]، يعني: لمن اشترى السحر {مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} [البقرة:١٠٢] يعني: ليس له في الآخرة نصيب، وهذا السياق لا يمكن أن يكون إلا في الكافر الذي كفره مخرج عن الملة؛ لأن المؤمن والموحد والمسلم لا بد من أن يكون له نصيب، أما من نفي عنه النصيب بالجملة بهذه الطريقة فهذا لا يمكن أن يكون إلا كافراً.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله: {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} [النساء:٥١]].

الجبت: هو السحر كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والطاغوت: هو الشيطان كما سيأتي معنا.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [قال عمر: الجبت: السحر، والطاغوت: الشيطان.

وقال جابر: الطواغيت كهان ينزل عليهم الشيطان، في كل حي واحد].

وسيأتي الحديث عن الكهانة بشكل مجمل -إن شاء الله- عند الباب المتعلق بالكهانة، وهذان الأثران رواهما البخاري رحمه الله تعليقاً، ووصلهما الحافظ ابن حجر في الفتح، فأما الأول فإسناده قوي، وأما الثاني فإسناده حسن.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اجتنبوا السبع الموبقات) قالوا: يا رسول الله! وما هن؟ قال: (الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)].

ووجه الدلالة من هذا الحديث هو أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر السحر من الموبقات، والموبقات: هي المهلكات، وهل السحر هنا هو المخرج من الملة أو غير المخرج من الملة؟

و

الجواب

ذلك بحسب نوعه، فإن كان من المخرج من الملة كان عطفه على الشرك من باب عطف الخاص على العام، وهذا له نظائر كثيرة في القرآن، مثل قول الله عز وجل: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة:٢٣٨]، والصلاة الوسطى من الصلوات؛ فإذا كان نوع السحر من الشرك الأكبر المخرج عن الملة فإنه يكون عظفه من هذا الباب، وأما إذا كان من النوع الثاني -وهو الأدوية والتخييلات التي ليس فيها استغاثة بغير الله عز وجل- فهو من الكبائر.

<<  <  ج: ص:  >  >>