للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفتن المعاصرة وما يجب على المسلم تجاهها]

السؤال

ما هو دور طالب العلم في الأزمات والفتن التي يواجهها؟

الجواب

إن هذه الأوقات التي نعايشها أوقات أزمات، والتعبير الشرعي هو اسم الفتن، فإن الفتن اسم عام يشمل الفتن التي تحصل بالقتل والتدمير والشهوات التي تفتن الإنسان عن دينه، والشبهات التي تضل الإنسان عن دينه.

ونحن في هذا العصر نواجه فتناً عظيمة وهي: فتنة الشبهات، فقد انتشرت المذاهب الإلحادية والعقائد الفاسدة، والفرق الضالة، والمذاهب الفكرية المنحرفة؛ وانتشرت في الأمة انتشاراً عظيماً.

وأيضاً نواجه فتنة الشهوات عن طريق الفساد العظيم المنتشر، وخصوصاً استعمال المرأة كوسيلة من الوسائل في إفساد الشباب، ويسمونها بنت الليل، فيأتون بها في الأفلام لفعل الفواحش والأفلام الجنسية، ويأتون بها راقصة، ويأتون بها ممثلة في الدعاية، بل حتى في دعايات أشياء لا يقبلها الإنسان المدقق والمميز فيأتون بها في دعاية لجرافة من الجرافات، وأهم شيء عندهم أن تظهر المرأة لابسة اللباس القصير لتفتن الرجال.

ولهذا أصبحت صور النساء اليوم لا يخلو منها بيت مع الأسف، والإنسان الذي يريد أن يحافظ على دينه ويكون بعيداً عن مثل هذه الصور، ربما تدخل عليه رغماً عنه، فربما تكون في كيس من الأكياس التي يأخذها من السوبر ماركت أو صيدلة من الصيدليات أو تكون على غلاف علاج من العلاجات الضرورية التي يستعملها الإنسان، أو تكون على غلاف لعبة من لعب الأطفال أو غير ذلك، حتى أصبح الإنسان يجد عناء في شراء حاجياته الأساسية التي يريد أن يشتريها بعيداً عن المحظورات الشرعية.

وأيضاً نواجه في هذا الزمان فتن الحروب والأزمات والمصائب التي تسمعون عنها، من أعراضها وصورها الحرب الظالمة الموجودة الآن التي تشنها أمريكا وبريطانيا وحلفاؤها على العراق وتدمر هذا الشعب لسرقة ماله باسم الحرية.

والمشكلة أن هذا التدمير وهذا الإيذاء وهذه المصائب التي يقومون بها تكون باسم تحرير الشعب العراقي! ومتى كان القتل وتدمير بيوت الناس تحريراً؟ وأفسدوا أجواء الناس عندما يرمونهم بقذائف مصنعة من اليورانيوم المنضب الذي يفسد الحرث، حتى إن الزراعة والأجنة في بطون أمهاتهم وحياة الناس تفسد، فمتى كان هذا تحريراً؟ ومع الأسف هناك من المرضى والمنافقين الذين هم في كل زمان ومكان من يعجب بالأمريكان أكثر من إعجاب الأمريكان بأنفسهم، فأكبر شعب أو أكبر دولة مغرورة بنفسها هي أمريكا، لكن مع هذا هناك أشخاص معجبون بالأمريكان أكثر من إعجاب الأمريكان بأنفسهم! اطلعت على مقال بعنوان أمريكا قوة خير، كتبه ممسوخ من الممسوخين يقول فيه: إن القوة الأمريكية هي قوة خير، فلا يمكن أن تقاتل أو تدمر بلد من البلدان إلا وهي تريد حقوق الإنسان، فهي تقتل الإنسان حتى تعطيه حقوقه! وتذله حتى يتحرر! وتدمر زراعة الإنسان وصناعته وثقافته وعقله وكلما يتعلق بالأمور المتعلقة بشخص الإنسان من أجل أن تحرر هذا الإنسان وأن تجعله ديمقراطياً! فهذه شعارات زائفة كاذبة، لكنها مع الأسف لم تجد رجالاً صادقين يستطيعون الوقوف في وجه هذه القوة الظالمة، ولهذا فإن من أبرز مظاهر هذه الأزمة، أن الأمريكان يضربون بلداً من بلدان المسلمين من بلد آخر من بلدان المسلمين أو من مجموعة بلدان من بلدان المسلمين، وهنا تكون المأساة، ويكون الجرح غائراً في حقيقته، ولهذا فإننا نواجه هذه الأزمة في عدة أمور ينبغي أن نلاحظها: الأمر الأول: يستحب للإنسان في وقت الفتن أن يجتهد في العبادة أكثر؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (العبادة في الهرج كهجرة إلي)، وهو حديث صحيح رواه الإمام مسلم في صحيحه؛ والسبب في ذلك أن العبادة في وقت الفتن التي تطيش فيها العقول وتذهل فيها الفهوم دليل على الإيمان الموجود في قلب صاحبها، ولهذا ينبغي للإنسان أن يتوجه إلى الله سبحانه وتعالى وخصوصاً في أوقات الفتن وأوقات المصائب.

الأمر الثاني: ضرورة العلم، فإن العلم -بإذن الله- يعصم به الله عز وجل صاحبه من الانحدار في الفتن، فإنه في بعض الأحيان قد يقع الإنسان في الكفر وهو لا يشعر، فمن أعان الكفار على المسلمين ولو بالكلام في المجالس فإنه يقع في الكفر الأكبر أو الأصغر، ولهذا ينبغي للإنسان أن يبتعد عن كل إعانة للكفار سواء كانت إعانة مادية أو بالكلام أو بالرأي أو بالسلاح أو بأي أسلوب من أساليب الإعانة، يقول الله سبحانه وتعالى مبيناً ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة:٥١].

قال العلماء: هذه الآية على ظاهرها: ((وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)) أي: أنه ارتكب كفراً مخرجاً من الإسلام.

والولاية لها معنيان: المحبة والنصرة، وأشد أنواعها النصرة؛ فإن نصرة الكافر على المسلم ردة بدون أي شك.

الأمر الثالث: هو أن يدرك الإنسان في مثل هذه الأزمات أنه لا يصيب ال

<<  <  ج: ص:  >  >>