للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم الطعن في العلماء وتضليلهم]

السؤال

ما رأيكم في الذين يضللون العلماء؟ وهل خرجوا عن الملة؟

الجواب

لا شك أن أهل العلم لهم مكانة عظيمة في الإسلام، لما يحملونه من العلم الذي أعطاهم الله عز وجل إياه، ولأنهم هم الهداة، وهم مثل النجوم في السماء يهتدي بها الناس، ولهذا رفعهم الله عز وجل عنده درجات، فقال الله عز وجل: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:١١]، فالكلام في أهل العلم وفي الناس عموماً مذموم، فعندما يغتاب المسلم الناس ويذمهم ويحتقرهم ويتهجمهم فهذا ليس من أخلاق النبوة، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن طعاناً ولا لعاناً ولا فاحشاً ولا بذيئاً.

ومن محاسن الأخلاق التي لها مكانة عظيمة عند الله عز وجل: أن يكون المسلم عفيف اللسان، فإن حسن الخلق من أعظم العبادات عند الله سبحانه وتعالى، ولهذا وصف الله عز وجل به خير الأنبياء وهو محمد صلى الله عليه وسلم فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:٤]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في بيان فضل الخلق: (إن أحدكم ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم)، فالمسلم بحسن خلقه يبلغ مثل عمل المسلم الذي يصوم النهار، ويقوم الليل بشكل مستمر، ومن أبرز الأمور التي تدل على حسن الخلق أن يكون المسلم عفيف اللسان وأن يكون بعيداً عن التهجم على الناس عموماً، فكيف بأهل العلم الذين هم خلاصة الناس وصفوتهم وأحسنهم وأفضلهم وأطيبهم.

والمسلم يخاف من الله عز وجل عندما يكون خصيمه رجلاً من المؤمنين، فكيف إذا كان عالماً من العلماء أو فاضلاً من الفضلاء؟ وقد تكلم بعض العلماء عن أقوام كانوا يطعنون في العلماء فقال: أنتم اليوم تتكلمون في أشخاص قد وضعوا رحالهم في الجنة، فكثير من الناس يغتابون أشخاصاً لهم من المنزلة والمكانة وعلو القدر الشيء الكثير، فيجب على المسلم أن يكون عفيف اللسان، طيب المنطق، بعيداً عن التهجم على الناس عموماً وخصوصاً أهل العلم.

وظهر في شباب الدعوة إلى الله عز وجل طائفتين، كل طائفة اشتطت عكس الأخرى، وكل طائفة تتكلم على أهل العلم، وتذم أهل العلم، وقد يصل في بعض الأحيان -والعياذ بالله- إلى التكفير والتبديع والكلام الذي لا يليق أبداً.

وطائفة اتهموا أهل العلم بالابتداع؛ لأنهم لم يتفقوا معهم حول بعض الآراء الفقهية، التي تعتبر من جملة الاجتهادات وليست من قضايا العقيدة، إلا بعض أولئك الذين يربطون الآراء بالعقائد بدون وجه حق في الربط.

وبعض الناس يتكلم على العلماء ويتهمهم بأنهم من الخوارج، أو من علماء السلاطين -والعياذ بالله- ونحو ذلك من الكلام الذي لا داعي له ولا مبرر له.

والعالم قد يقع في الخطأ، ولا يجوز للمسلم أن يتبع العالم إذا وقع في خطأ؛ لأن الواجب علينا اتباع الكتاب والسنة وليس اتباع الأشخاص، وإذا خالف العالم النص الصريح الواضح من القرآن والسنة فلا نتبعه، بل نتبع النص الصريح من القرآن والسنة، دون التهجم عليه، بل ينبغي أن يلتمس له العذر.

ولهذا ألف ابن تيمية رحمه الله كتاباً عظيماً وهو: (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) فينبغي للمسلم أن يكون عفيف اللسان عن أهل العلم، وأن يكون بعيداً من الكلام عليهم، وإن أخطأ العالم أو عصى الله عز وجل في أمر من الأمور فإن له من الفضائل والحسنات ما يكون ماحياً لمثل هذا الخطأ، فينبغي أن يحرص المسلم على هذا الأدب وهذا الأمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>