للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم من يقول: إن وجود الله ظني وإن الحكمة من خلق الإنسان جمع المال لا العبادة]

السؤال

يقول السائل: أنا طالب في جامعة الملك عبد العزيز بجدة، وعندنا دكتور يدرسنا مادة الثقافة الإسلامية، وفي ذات مرة وهو يشرح الدرس تكلم وقال: إن وجود الله وجود ظني؛ لأن الله غير ملموس ولا محسوس، ووجود القرآن وجود يقيني؛ لأن القرآن محسوس وملموس.

ويقول أيضاً: الحكمة من خلق الإنسان هي جمع المال وليس العبادة في الدنيا، فما حكم قوله هذا في الشريعة الإسلامية؟ علماً بأن هذه الدروس تأتي في الاختبارات، فهل نجيب عليها أم لا؟

الجواب

أنا أخشى أن يكون الأخ فهم من كلام الدكتور فهماً غير صحيح، أما إذا كان كلام الدكتور فعلاً بهذا الأسلوب الذي يقول فيه: إن وجود الله وجود ظني فهذا قدح في عقيدة هذا الإنسان، فإن وجود الله عز وجل لا شك فيه، حتى عند الكفار، وقد سبق أن أشرنا إلى هذا المعنى، وقلنا: إن الله عز وجل يقول: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان:٢٥] فالمسلمون من باب أولى، كيف يقول: إن وجود الله عز وجل وجود ظني، هذا كلام كفري، وقوله: إن وجود القرآن وجود يقيني، يعني: هذا الدكتور يفهم من كلامه أنه يعتقد أن اليقين هو في المحسوس، وأما الغيبيات فلا يقين فيها، ولهذا يقول: القرآن يقين؛ لأنه محسوس، والله عز وجل وجوده ظني؛ لأنه غير محسوس، هذا قول فاسد؛ فإنه ليس كل أمر غير محسوس يكون ظنياً، وفي الرد على الماديين الشيوعيين كان يقال: إن العقل مثلاً أمر غير محسوس باليد، ومع هذا هو أمر مقطوع به، وكذلك الروح، وكذلك الأرواح الطيبة والخبيثة، هذا أمر مقطوع به، ويبدو أن هذا الشخص لديه خلفيات مادية، وهذا أمر في غاية الخطورة.

وقوله: إن الحكمة من خلق الإنسان هي جمع المال وليس العبادة في الدنيا هذا معارض لصريح القرآن، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:٥٦] وهذا كلام كفري والعياذ بالله؛ ولهذا إذا كان هذا الدكتور يتكلم بهذا الكلام حقيقة، يجب على الطلاب أن يسجلوا أقواله صوتياً وهذا أضبط، ويسجلوا شهادتهم على هذا الدكتور، وأن يتقدموا إلى القضاء بشكوى رسمية ضد هذا الدكتور؛ لأن هذا الدكتور ينشر كلاماً كفرياً خطيراً على عقائد المسلمين، لكن إذا سمع الإنسان بشيء ينبغي أن يكون متثبتاً؛ لأن ظلم الآخرين لا يجوز، وإذا لم يفهم الإنسان كلام أحد من الناس بالطريقة الصحيحة فلا يجوز أن يتهمهم، لكن إذا كان فعلاً يتكلم بهذا الكلام الخطير وبطريقة واضحة ومفهومة، فيجب على مجموعة الطلاب الموجودين أن يسجلوا هذا الكلام على شكل شكوى، وأ، يتقدموا بها للمحكمة، ويكتبوا شهادتهم فيها عند القاضي، وأن يقولوا: نحن نشهد بالله العظيم على أن هذا الرجل قال كذا وقال كذا، أياً كان سواء كان دكتوراً في الجامعة أو في أي مكان، يجب أن يشتكى إلى القاضي، والقاضي يستدعيه وإن اعترف عنده بهذا الكلام يعلمه أن هذا كفر، فإن أصر فإنه يقتل؛ لأنه مرتد بعد البيان والتوضيح، أما إذا اعتذر وتراجع وأعلن إسلامه، فإنه يعزر حسب رأي القاضي، وحسب المصلحة، وحسب الأحوال المحيطة بهذه القضية.

فلا يترك لأهل النفاق وأهل الفجور والكفر الكلام، خصوصاً ونحن في بلاد التوحيد ولله الحمد، والمحاكم الشرعية منصوبة، والقضاة موجودون، فلا يجوز السكوت على هذه النماذج أبداً، وأي إنسان يجد كلاماً كفرياً خطيراً والعياذ بالله في الصحافة، أو في أي مكان من الأماكن، ينكره بشرط أن يكون متثبتاً في هذا، وأن تكون لديه أدلة يقينية، لا تكون لديه ظنون أو أوهام؛ لأن الظنون والأوهام لا قيمة لها، ولا يجوز للإنسان أن يظلم الخلق، لكن إذا كانت هناك أدلة يقينية فيجب أن يتقدم بشكوى للمحكمة، والقاضي بدوره يستدعي هذا الرجل ويحاسبه؛ لأن هذا الكلام خطير على عقائد المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>