للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[إثبات الحوض]

الحوض: مفرد وجمعه: حياض وأحواض، والحوض: هو مجمع الماء، وهذا الحوض الذي نتكلم عنه هو حوض للنبي صلى الله عليه وسلم الذي يكون يوم القيامة تجتمع عليه أمته وحدها ويشربون منه، إلا طائفتان: الطائفة الأولى: من ارتد عن الإسلام، والطائفة الثانية: أهل البدع والضلالة.

وهذا الحوض -على الصحيح- بعد الصراط، وأصل مائه من الجنة؛ فإن الله عز وجل أعطى النبي صلى الله عليه وسلم نهراً عظيماً في الجنة يسمى نهر الكوثر، وهذا النهر يشخب منه ميزابان يصبان في هذا الحوض، والنهر في الجنة، والحوض في عرصات القيامة قبل دخول الجنة، فبعد أن يمر الناس على الصراط -وكل الأمم سوف تمر على الصراط- يخرج من هؤلاء من أنقذه الله عز وجل من النار، وهم الذي يردون الحوض.

ومن الأدلة التي استدل بها أهل العلم على ثبوت هذا الحوض: قول الله عز وجل: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر:١]، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن الكوثر نهر أعطاه الله عز وجل إياه في الجنة، وأن منه يكون الحوض.

وقال ابن عباس في الكوثر: هو الخير الكثير.

وسأل رجل سعيد قال له: أليس نهراً في الجنة؟ قال: النهر من الخير الكثير.

وقد استدل بهذه الآية على إثبات الحوض البخاري في صحيحه، فقد قال في كتاب الرقاق: باب في الحوض، وقول الله عز وجل: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر:١].

ومن الأدلة: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا فرطكم على الحوض)، ويقول عليه الصلاة والسلام في وصفه للحوض: (حوضي مسيرة شهر -يعني: في طوله- ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه -يعني: الأكواب- عدد نجوم السماء، من شرب منه لا يظمأ بعدها أبداً)، وورد: أن طوله وعرضه سواء.

وجاء في بعض الأحاديث: (ما بين حافتيه كما بين إيلة وصنعاء) إيلة المقصود بها العقبة التي تقع في شمال البحر الأحمر، وصنعاء المدينة المعروفة في اليمن، وهناك فرق بين إيلة وإيلياء، فإيلة هي العقبة، وإيلياء القدس، فحوض النبي صلى الله عليه وسلم طوله وعرضه مثل هذه المسافة.

وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (يذاد أقوام -يعني: يمنعون عن الحوض- وقد عرفتهم، فأقول: يا رب! أصيحابي أصيحابي، فيقال: إنك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك)، قال العلماء: والإحداث يشمل الردة والرجوع عن الإسلام، ويشمل البدعة أيضاً، فإن البدعة إحداث؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار).

ويقول عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، فيقال: (إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)؛ ولهذا لا يرد أهل البدع الحوض.

لكن قد يرد

السؤال

كيف يعرف النبي صلى الله عليه وسلم أمته وفي أمته من لم يره بعينه عليه الصلاة والسلام؟! والجواب أنه عليه الصلاة والسلام يعرفهم بالغرة والتحجيل، فإنهما من سمات هذه الأمة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يأتي يوم القيامة أمتي غراً محجلين من آثار الوضوء)، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته وتحجيله فليفعل، هذا من قول أبي هريرة، لكن قوله: (غراً محجلين)، من قول النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا يدل على أن الأمة يوم القيامة تكون مميزة بهذا، فهي مثل الخيول التي تتميز بغرتها، والغرة هي البياض الذي يكون في الوجه، وفي الجبهة تحديداً، والتحجيل: هو البياض الذي يكون في القدمين واليدين.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي)، فمكان الحوض في السماء هو في مكان المنبر في الأرض.

ووقته يكون بعد نصب الصراط والمرور عليه، كما يدل عليه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (سألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع لي، قال: أنا فاعل إن شاء الله، قلت: أين ألقاك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اطلبني أول ما تطلبني عند الصراط، قال: فإن لم ألقك؟ قال: فعند الميزان، قال: فإن لم ألقك؟ قال: عند الحوض) رواه الإمام أحمد في مسنده والترمذي بإسناد صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>